للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذكر من أدلة الخصم القائل بجواز النسخ: "واحتج بأن النسخ كالتخصيص؛ لأن النسخ لا يقتضي تخصيص الأعيان، والتخصيص لا يقتضي تخصيص الزمان، ثم ثبت أن تخصيص الكتاب يجوز بالسنة، كذلك النسخ.

والجواب: أنه يبطل بخبر الواحد والقياس؛ فإن التخصيص بهما جائز، ولا يجوز النسخ بهما، وعلى أن النسخ مفارق للتخصيص؛ لأن النسخ يزيل حكم اللفظ كله، والتخصيص يبقي بعضه، ولا يسقط جملته، فافترقا" (١).

• بيان الاستدراك:

استدرك القاضي أبو يعلى على الخصم القائل: بجواز نسخ القرآن بالسنة في قياسهم النسخ على التخصيص بقادح النقض بخبر الواحد والقياس؛ لأن التخصيص بهما جائز دون النسخ. واستدرك أيضًا بقادح الفرق؛ حيث ذكر الفرق بين النسخ والتخصيص، فالنسخ يزيل حكم اللفظ كله، أما التخصيص فيبقي بعض حكم اللفظ.

• المثال الثاني:

قال الرازي في مسألة: (حكم الاستثناء الواقع عقيب جمل عطف بعضها على بعض) في عرضه لأدلة الشافعية (٢): "واحتج الشافعي - رضي الله عنه - بوجوه:

أولها: أنَّ الشرط متى تعقَّب جملاً عاد إلى الكلِّ، فكذا الاستثناءُ، والجامع: أن كل واحد منهما لايستقلُّ بنفسه.

وأيضًا: فمعناهما واحد؛ لأن قوله تعالى في آية القذف: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٥] جارٍ مجرى قوله: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] إن لم يتوبوا" (٣).


(١) يُنظر: العدة في أصول الفقه (٢/ ٧٩٦ - ٧٩٧).
(٢) وقد مر الخلاف في المسألة قريبًا، فليُنظر (ص: ٥٦٩).
(٣) يُنظر: المحصول (٣/ ٤٦).

<<  <   >  >>