لذكره؛ إزالة للتهمة عن نفسه، والشبهة عن غيره، ولما بطل ذلك تعين القطع.
والجواب: أن إظهاره لذلك الدليل المحتمل إنما يجب عليه مع من ناظره، فلعله لم تتفق تلك المناظرة.
سلمنا أنه ذكره؛ لكن لعله لم ينقل، أو نقل لكنه لم يشتهر، والله أعلم" (١).
أمثلة لصيغة (لكن):
• المثال الأول:
قال السمعاني في مسألة (دلالة صيغة الأمر المطلقة) في رده على الواقفية: "وأما الذي قالوا: إنَّ هذا اسم مشترك مثل سائر الأسماء المشتركة، ويقع البيان بهما عند إرادة أحد وجوههما.
قلنا: نحن لا ننكر وجود الأسماء المشتركة في اللغة؛ ولكن ليس هذا من جملتها؛ لأنه لو كان يقول القائل لغيره:(افعل) حقيقة في أن يفعل، وحقيقة في التهديد الذي يقتضى في أن لا يفعل، أو غير ذلك مما ذكروه؛ لكان اقتضاؤه لكل واحد من هذين على سواء لا ترجيح لأحدهما على الآخر، ولو كان كذلك لما سبق إلى أفهامنا عند سماعها من دون قرينة أنَّ المتكلم بها يطلب الفعل ويدعو إليه. كما أنَّه لما كان اسم اللون مشتركًا بين البياض والسواد لم يسبق عند هذه اللفظة من دون قرينة السواد دون البياض.
ومعلوم أنّا إذا سمعنا قائلاً يقول لغيره:(افعل)، وعلمنا تجرد هذا القول عن كل قرينة؛ فإنَّ الأسبق إلى أفهامنا أنه طلب للفعل. كما أنّا إذا سمعناه يقول: رأيت حمارًا؛ فإن الأسبق إلى أفهامنا الدابة المعروفة دون الأبله الذي يُشبَّه بها.
وقد بطل بهذا الكلام دعواهم أنَّ الاسم مشترك، وإذا بطل الاشتراك لم يبق إلا