للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما بينا من تعيين وجه واحد له وهو طلب الفعل" (١).

• المثال الثاني:

قال الغزالي في (ما يعلم كذبه من الأخبار): "القسم الثاني من الأخبار: ما يعلم كذبه، وهي أربعة ... الرابع: ما سكت الجمع الكثير عن نقله، والتحدث به، مع جريان الواقعة بمشهد منهم، ومع إحالة العادة السكوت عن ذكره؛ لتوفر الدواعي على نقله .... وبمثل هذه الطريقة عرفنا كذب من ادعى معارضة القرآن، ونص الرسول على نبي آخر بعده، وأنه أعقب جماعة من الأولاد الذكور، ونصه على إمام بعينه على ملأ من الناس، وفرضه صوم شوال وصلاة الضحى، وأمثال ذلك مما إذا كان أحالت العادة كتمانه.

فإن قيل: فقد تفرد الآحاد بنقل ما تتوفر الدواعي عليه حتى وقع الخلاف فيه؛ كإفراده - صلى الله عليه وسلم - الحج أو قرانه (٢) ... ونقلت الأمة سور القرآن، ولم تنقل المعوذتين نقل غيرهما؛ حتى خالف ابن مسعود - رضي الله عنه - في كونهما من القرآن (٣)، وما تعم به البلوى من اللمس والمس أيضًا، فكل هذا نقض على هذه القاعدة.


(١) يُنظر: قواطع الأدلة (١/ ٨٨).
(٢) اختلف العلماء في نسكه - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع هل كان قارنًا أو مفردًا، فقال الحنفية والحنابلة: إنه كان قارنًا، وقال المالكية والشافعية: كان مفردًا. يُنظر: الحاوي (٤/ ٤٥)؛ المبسوط للسرخسي (٤/ ٢٦)؛ البيان والتحصيل (٤/ ٧٦)؛ شرح الزركشي على الخرقي (١/ ٥٥٣). ويُنظر المسألة في نيل الأوطار (٥/ ٣٩)؛ حيث فصل فيها، وذكر الروايات وطرق الجمع بينها.
(٣) يُنظر: تفسير القرطبي (٢٠/ ٢٥١)، نقل هذا الرأي عن ابن مسعود، وتوجيه العلماء له. وعقد الباقلاني في كتابه الانتصار للقرآن باب في " الكلام في المعوذتين والكشف عن ظهور نقلهما وقيام الحجة بهما، وإبطال ما يدعونه من إنكار عبدالله بن مسعود لكونهما قرآنًا منزلاً، وتأويل ما روي في إسقاطها من مُصحفه وحكِّه إياهما، وتركه إثبات فاتحة الكتاب في إمامه، ما يتصل بهذه الفصول". يُنظر: الانتصار للقرآن (١/ ٣٠٠ - ٣٣٠).

<<  <   >  >>