للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعظم من خاض في هذا الفن بنى الأدلة بناء يدل على منع التقليد عقلاً" (١).

• المثال الثاني:

استدرك التفتازاني على صدر الشريعة المحبوبي قوله في بيان (الشرعية):

" (فيدخل في حد الفقه حُسن كل فعل وقبحه عند نفاة كونهما عقليين): "اعلم أن عندنا وعند جمهور المعتزلة: حُسْنُ بعض الأفعال وقبحها يدركان عقلاً، وبعضها لا؛ بل يتوقف على خطاب الشارع. فالأول لا يكون من الفقه؛ بل هو علم الأخلاق، والثاني هو الفقه" (٢).

فقال التفتازاني: "قوله: (فيدخل) يريد أن تعريف الفقه على رأي الأشاعرة شامل للعلم عن دليل بحسن الجود والتواضع (أي وجوبهما أو ندبهما)، وقبح البخل والتكبر (أي حرمتهما أو كراهتهما)، وما أشبه ذلك؛ لأنها أحكام لا تدرك لولا خطاب الشرع على رأيهم، مع أن العلم بها من علم الأخلاق؛ لا من علم الفقه. وأقول: إنما يلزم ذلك لو كانت هذه الأحكام عملية بالمعنى المذكور وهو ممنوع، كيف والأمور المذكورة أخلاق ملكات نفسانية جعل المصنف العلم بحسنها وقبحها من علم الأخلاق، وقد صرح فيما سبق بأنه يزاد عملاً على معرفة النفس ما لها وما عليها ليخرج علم الأخلاق، وبأن معرفة ما لها وما عليها من الوجدانيات- أي الأخلاق الباطنية والملكات النفسانية - علم الأخلاق، ومن العمليات علم الفقه، فكأنه نسي ما ذكره ثمة أو ذهل عن قيد العملية هاهنا" (٣).

• بيان الاستدراك:

استدرك التفتازاني على المحبوبي قوله: إن تعريف الفقه على مذهب


(١) يُنظر: التلخيص (٣/ ٤٣٥ - ٤٣٦).
(٢) التوضيح شرح التنقيح للمحبوبي (١/ ٤٣).
(٣) التلويح إلى كشف حقائق التنقيح (١/ ٤٣).

<<  <   >  >>