للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (قلنا: باطل) أي: ما ذكرتموه من أن الخطاب بما لا يفهم عبث فلا يجوز، باطل بمتشابه القرآن؛ كالحروف المقطعة وغيرها على ما سبق بيانه؛ فإنه لا تفهم حقيقته، وليس الخطاب به تجهيلاً للسامع، ولا عبثًا من المتكلم، فكما جاز الخطاب بالمتشابه بدون فهم حقيقته ولم يكن عبثًا؛ كذلك يجوز الخطاب بالمجمل وإن أخر بيان حقيقته، ولا يكون عبثًا" (١).

• المثال الثالث:

ذكر الإسنوي في مسألة (حجية القياس) اعتراضًا للخصم على استدلال الجمهور بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: ٢] فقال: "الاعتراض الثالث: سلمنا أن الآية تدل على الأمر بالقياس؛ لكن لا يجوز التمسك بها؛ لأن التمسك بالعموم واشتقاق الكلمة -كما تقدم- إنما يفيد الظن، والشارع إنما أجاز الظن في المسائل العملية؛ وهي الفروع؛ بخلاف الأصول؛ لفرط الاهتمام بها.

وأجاب المصنف (٢): بأنا لا نُسَلِّم أنها علمية؛ لأن المقصود من كون القياس حُجَّة إنما هو العمل به؛ لا مجرد اعتقاده؛ كأصول الدين، والعمليات يكتفى فيها بالظن؛ فكذلك ما كان وسيلة إليها. هذا هو الصواب في تقريره.

وقد صرح به في الحاصل (٣)، وهو رأي أبي الحسين (٤)، وإن كان الأكثرون -كما نقله الإمام الآمدي (٥) - قالوا: إنه قطعي.


(١) يُنظر: مختصر الطوفي (٢/ ٦٩٣ - ٦٩٤).
(٢) أي البيضاوي. يُنظر: منهاج الوصول - مطبوع مع نهاية السول - (٢/ ٧٩٨).
(٣) (٣/ ١٠٧ - ١٠٨).
(٤) يُنظر: المعتمد (٢/ ٢١٥).
(٥) واعلم أن الآمدي وإن ذكر أن الأكثرين قالوا: إنه قطعي؛ إلا أنه اختار قول أبي الحسين البصري، وعبارته: " ... فقال الكل: إنه قطعي، سوى أبي الحسين فإنه قال: إنه ظني، وهو المختار ... ". يُنظر: الإحكام للآمدي (٤/ ٣١).

<<  <   >  >>