للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] " (١).

ثم قال في شرحه: "واعلم أن هذا الاستدلال على أن الإجماع حجة ليس بقوي؛ لأنه يمكن أن يكون ما أتى به النبي - عليه الصلاة والسلام - عين سبيل المؤمنين، مع أنه لا يكون المعطوف عين المعطوف عليه؛ لأن مفهوم مشاقة الرسول - عليه الصلاة والسلام - غير مفهوم اتباع غير سبيل المؤمنين، فهذه الغيرية كافية لصحة العطف؛ كقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: ٥٩]، مع أن طاعة الرسول من إطاعة الله تعالى في الوجود الخارجي لقوله تعالى: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]، لكنه غيره بحسب المفهوم" (٢).

• المثال الثالث:

ذكر العلاء البخاري في شرحه لجزئية (الحجج على جواز نسخ الكتاب بالسنة والعكس) اعتراضًا من القائلين بعدم جواز نسخ الكتاب بالسنة والعكس (٣) فقال: "فإن قيل: لا نسلم أن التوجه إلى بيت المقدس كان ثابتًا بالسنة؛ بل هو ثابت بالكتاب؛ فإنه كان من شريعة من قبلنا، وشريعة من قبلنا تلزمنا حتى يوجد الدليل على انتساخه، وهذا حكم ثابت بالكتاب؛ وهو قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠] ".

ثم ذكر جواب شمس الأئمة السرخسي على هذا الاعتراض فقال: "وعبارة شمس الأئمة فيه: ولا خلاف أنَّ ما كان في شريعة من قبلنا ثبت انْتِسَاخُه في حَقِّنَا بقول أو فعل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلافه، وهذا نسخُ الكتاب بالسنة (٤).


(١) يُنظر: التنقيح للمحبوبي (٢/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٢) يُنظر: التوضيح للمحبوبي (٢/ ١١١).
(٣) القائل بهذا القول الإمام الشافعي. يُنظر: الرسالة (ص: ١٨١).
(٤) يُنظر: أصول السرخسي (٢/ ٧٧).

<<  <   >  >>