للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختاره المصنف (١) تبعًا للإمام (٢)، ومنع منه آخرون (٣). وفصل قوم فقالوا: إن كانت الحكمة ظاهرة منضبطة بنفسها؛ جاز التعليل بها؛ وإلا فلا، واختاره الآمدي (٤) وصفي الدين الهندي (٥)، وأطبق الكل على جواز التعليل بالوصف المشتمل عليها ما حاد عن ذلك قياس؛ كالقتل والزنا والسرقة وغير ذلك.

واحتج المفصل بما أشار إليه في الكتاب (٦) من أن الحِكَمَ التي لا تنضبط كالمصالح والمفاسد لا يعلم لعدم انضباطها: أن القدر الحاصل منها في الأصل حاصل في الفرع أم لا فلا يمكن التعليل بها؛ لأن القياس فرع ثبوت ما في الأصل من المعنى في الفرع.

وأجاب (٧): بأنه لو لم يجز التعليل بالحكم التي لا تنضبط؛ لم يجز بالوصف المشتمل عليها أيضًا، واللازم باطل بالاتفاق؛ فبطل الملزوم.

وبيان الملازمة: أن الوصف بذاته ليس بعلة للحُكم؛ بل بواسطة اشتماله على الحِكمة، فَعلِّيَّةُ الوصف بمعنى أنه علامة على الحِكمة التي هي علَّة غائبة باعثة للفاعل، والوصف هو المُعَرِّف، فإذا لم تكن تلك الحكمة علة للحكم؛ لم يكن الوصف بواسطته علة له، وإذا بطل الملزوم فيجوز التعليل بالحِكَمِ التي لا تنضبط؛


(١) أي: البيضاوي. يُنظر: منهاج الوصول - مطبوع مع الإبهاج - (٦/ ٢٥٣٢).
(٢) أي: الرازي. يُنظر: المحصول (٥/ ٢٨٧).
(٣) ونسب إلى الأكثرين. يُنظر: الإحكام للآمدي (٣/ ٢٥٤)؛ شرح تنقيح الفصول للقرافي (ص: ٤٠٦)؛ شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٧).
(٤) يُنظر: الإحكام للآمدي (٣/ ٢٥٥).
(٥) يُنظر: نهاية الوصول (٨/ ٣٤٩٤).
(٦) أي: في منهاج الوصول للبيضاوي.
(٧) أي: البيضاوي.

<<  <   >  >>