ومما سبق ندرك أن التجديد لا يعني الإتيان بجديد منقطع عما كان عليه الأمر أولاً؛ ولكنه يمر بمراحل؛ وهي:
- المرحلة الأولى: كون الشيء المراد تجديده موجودًا في أول الأمر، وللناس به عهد.
- المرحلة الثانية: أتت الأيام على الشيء فصار قديمًا خَلِقًا فتُرك.
- المرحلة الثالثة: إعادة الشيء إلى حاله الأولى التي كان عليها قبل أن يُبلى ويَخْلَق.
فالمرحلة الثالثة هي استدراك لما كان للمرحلة الثانية.
وعليه أقرر أن المراد بالأثر التجديدي: نتيجة إحياء ما اندرس من أصول الفقه على طريقة السلف.
ويمكن تلخيص أهم ملامح التجديد في علم أصول الفقه من القرن الثالث إلى القرن الرابع عشر والتي بُنيت على استدراكات سابقة في الصورتين التاليتين:
• الصورة الأولى: التجديد بمعنى التنمية والتوسيع، وإضافة ماله صلة وثيقة بالمجدَّد، فيُضاف إليه ما يكتمل به بنيانه.
وهذا المعنى ظهر من بداية التصنيف في أصول الفقه، فقد مر معنا سابقًا أن الإمام الشافعي يُعد مستدركًا لما في مدرستي الأثر والرأي؛ حتى ذكر أنه المجدد للمئة الثانية (١).
وبعد أن صنف الرسالة ألف بعدها ثلاثة مؤلفات لنفس الغرض الذي من أجله ألف الرسالة، فصنف كتاب جماع العلم، واختلاف الحديث، وإبطال الاستحسان.