للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا استدراك منه - صلى الله عليه وسلم - على قول لوط - عليه السلام -: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: ٨٠].

وما رواه مُجَاهد قال: دخَلْتُ أنا وعُرْوَةُ بن الزُّبيْرِ الْمَسْجدَ فإذا عبداللهِ بن عُمرَ - رضي الله عنهما - جَالسٌ إلى حُجْرةِ عَائشَةَ ... قال له (١): كمْ اعْتمَرَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أرْبَعًا، إحْدَاهُنَّ في رجَبٍ. فَكَرهْنَا أنْ نرُدَّ عليه. قال: وَسَمعْنَا اسْتنَانَ (٢) عَائشَةَ أمِّ الْمُؤْمنِينَ في الْحُجْرةِ، فقال عُرْوةُ: يا أُمّاهُ، يا أمَّ الْمُؤْمنِينَ، ألا تَسْمَعينَ ما يقول أبو عبدالرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اعْتمَرَ أرْبَعَ عُمرَاتٍ، إحْدَاهُنَّ في رجَبٍ. قالت: يرْحَمُ الله أبَا عبدالرحمن، ما اعتَمَرَ عُمرَةً إلا وهو شاهِدُهُ، وما اعتَمَرَ في رجَبٍ قطُّ» (٣).

وفي لفظ: «يَغْفرُ الله لأَبِي عبدالرحمن» (٤).

وقولها عندما ذُكرَ لها أنَّ عبْدَاللهِ بن عُمرَ يقول: إنَّ الْمَيّتَ ليُعَذَّبُ ببُكَاءِ الْحيِّ. فقالت عَائشَةُ: يَغْفرُ الله لأَبِي عبدالرحمن أمَا إنه لم يَكْذبْ؛ وَلَكنَّهُ نَسيَ أو أخْطَأَ؛ إنما مرَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على يَهُوديَّةٍ يُبْكى عليها، فقال: «إنَّهُمْ ليَبْكُونَ عليها، وَإنَّهَا لتُعَذَّبُ في قَبْرهَا» (٥).


(١) أي: عروة.
(٢) أي: حِسَّ مرور السواك على أسنانها. يُنظر: فتح الباري (٣/ ٦٠١).
(٣) يُنظر: صحيح البخاري، ك: العمرة، ب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ ، (٢/ ٦٣٠/ح: ١٦٨٥).
(٤) يُنظر: صحيح مسلم، ك: الحج، ب: بيان عدد عُمرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وزَمَانِهِنَّ، (٢/ ٩١٦/ح: ١٢٥٥).
(٥) يُنظر: صحيح مسلم، ك: الجنائز، ب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه، (٢/ ٦٤٣/ح: ٩٣٢).

<<  <   >  >>