للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روْضَةَ خَاخٍ (١)؛ فإن بها امْرأَةً من الْمشْرِكِينَ معَهَا كتَابٌ من حَاطبِ بن أبي بَلتَعَةَ (٢) إلى الْمشْرِكِينَ. فَأَدرَكْنَاهَا تَسيرُ على بَعيرٍ لها حَيثُ قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقلْنَا: الْكتَابُ؟ فقالت: ما معَنَا كتَابٌ. فَأَنَخنَاهَا فَالتَمَسْنَا فلم نرَ كتَابًا، فَقلْنَا: ما كذَبَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، لَتخْرِجِنَّ الْكتَابَ أو لَنجَرِّدَنَّكِ، فلما رأَتْ الْجدَّ أَهوَتْ إلى حجْزَتِهَا -وَهيَ محْتَجِزَةٌ بكِسَاءٍ- فَأَخرَجَتْهُ، فَانطَلَقْنَا بها إلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال عمَرُ: يا رَسولَ اللهِ، قد خانَ اللهَ وَرَسولَهُ وَالْمؤْمِنِينَ، فَدَعْني فَلأَضْرِبَ عنُقَهُ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما حمَلَكَ على ما صَنَعتَ؟ قال حَاطبٌ: والله ما بي أنْ لا أَكونَ مؤْمِنًا باللهِ وَرَسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَرَدتُ أنْ يَكونَ لي عنْدَ القَوْمِ يدٌ يَدفَعُ الله بها عن أَهْلي وَمَالي، وَلَيسَ أحَدٌ من أَصْحَابكَ إلا له هنَاكَ من عَشيرَتِهِ من يَدفَعُ الله بهِ عن أَهْلهِ وَمَالهِ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدَقَ ولا تقُولُوا له إلا خيْرًا. فقال عُمرُ: إنه قد خانَ اللهَ ورَسُولَهُ وَالْمُؤْمنِينَ، فَدَعْني فَلأَضْرِبَ عُنُقهُ. فقال: ألَيْسَ من أهْلِ بدْرٍ؟ فقال: لعَلَّ اللهَ اطلع إلى أهْلِ بدْرٍ فقال: أعملوا ما شئْتُمْ؛ فقَدْ وجَبَتْ لكُمْ الْجنَّةُ -أو فقَدْ غفَرْتُ لكُمْ-. فدَمَعَتْ عيْنَا عُمرَ وقال: الله ورَسُولُهُ أعْلَمُ" (٣).


(١) روضة خَاخ: موضع بين الحرمين، بقرب حمراء الأسد من جهة المدينة النبوية، وهي من أحماء المدينة التي حماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدون من بعده لرعي خيل وإبل وأغنام بيت أموال المسلمين.
يُنظر: الأماكن ما اتفق لفظه وافترق مسماه (ص: ٣٩١)؛ معجم البلدان (٢/ ٣٣٥). ويُنظر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة على الرابط:
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D ٨%B ١%D ٩%٨٨%D ٨%B ٦%D ٨%A ٩_%D ٨%AE%D ٨%A ٧%D ٨%AE
(٢) هو: أبو محمد، حاطب بن أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة اللخمي المكي، حليف بني أسد بن عبدالعزى ابن قصي، من مشاهير المهاجرين، شهد بدرًا والمشاهد، وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتاب إلى المقوقس صاحب الإسكندرية، وكان حاطب من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (ت: ٣٠ هـ)، وصلى عليه عثمان بن عفان - رضي الله عنهم -.

تُنظر ترجمته في: مشاهير الأمصار (١/ ٢١)؛ الطبقات الكبرى (٣/ ١١٤)؛ سير أعلام النبلاء (٢/ ٤٣).
(٣) يُنظر: صحيح البخاري، ك: المغازي، ب: فضل من شهد بدرًا، (٤/ ١٤٦٣/ح: ٣٧٦٢)؛ صحيح مسلم، ك: فضائل الصحابة، ب: من فضائل أهل بدر - رضي الله عنهم - ... ، (٤/ ١٩٤٢/ح: ٢٤٩٤).

<<  <   >  >>