فائدة: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٣/ ٣١٠): فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِيَ قَرَأَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ خَمْسَ آيَاتٍ مِنْهَا، وَهِيَ مِنْ آخِرِهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: "أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَأَنَ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَامَ، حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ قَبْلَ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ "، وَذَكَرِنَا فِي ذَلِكَ الْبَابِ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، أَنَّهُ قَرَأَ: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض)، حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ كَانَ قَرَأَهُ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، مِمَّا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، هُوَ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ إِلَى تَمَامِ الْخَمْسِ الْآيَاتِ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷿: ﴿إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: ١٩٤] فَقَالَ قَائِلٌ: مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَذَا الِاخْتِلَافُ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ ﷿ وَعَوْنِهِ: أَنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ رُوَاةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، مِمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ أَنَّهُ كَانَ الَّذِي قَرَأَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَرَأَ مَا قَرَأَ الْتِمَاسَ الدُّعَاءِ، وَالتَّفَكُّرِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ، وَكَانَ مَا بَعْدَ الْخَمْسِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ فِيهَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ ذِكْرُ مَا كَانَ مِنَ اللهِ ﷿ مِنَ اسْتِجَابَتِهِ لِلْمَذْكُورِينَ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ، ثُمَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى، إِلَى خَاتِمَةِ السُّورَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ مَا كَانَ مِنْهُ ﵇ فِي ذَلِكَ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.قلت: وقد أخرجه البخاري في «صحيحه» (١١٩٨)، ومسلم في «صحيحه» (٧٦٣)،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute