للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• المسند في صورته التي تركه عليها أحمد:

يقول ابن الجزري -رَحِمَهُ اللهُ-:

إن الإمام أحمد شرع في هذا "المسند"، فكتبه في أوراق مفردة وفرقه في أجزاء منفردة، على نحو ما تكون المسوّدة، ثم جاء حلول المنية قبل حصول الأمنية، فبادر بإسماعه لأولاده وأهل بيته، ومات قبل تنقيحه وتهذيبه، فبقي على حاله، ثم إن ابنه عبد الله ألحق به ما يشاكله، وضم إليه من مسموعاته، ما يشابهه ويماثله (١).

وهكذا كان "المسند" في بدايته؛ عبارة عن مجموعة من الأجزاء المنفردة بعضها عن بعض، وكل جزء يحتوي على مجموعة من الأوراق المنفردة هي الأخرى بحيث لا تربطها أرقام ولا يهتدى فيها إلى تسلسل معين.

• المسند بين يدي عبد الله بن أحمد:

وقد رتب عبد الله بن الإمام "المسند" ترتيباً لم يخرجه في حقيقة الأمر عن الصورة التي كان عليها عند أبيه، وقد وقع فيه خلل في جملة مواضع لا تمس جوهر الكتاب، من مثل إدراج عدد من أحاديث المكثرين في غير مسانيدهم، وتكرار الحديث الواحد بإسناده ومتنه لغير فائدة في إعادته، وتفريق أحاديث الصحابي الواحد في أكثر من موضع، والخلط بين أحاديث الشاميين والمدنيين، وعدم التمييز بين روايات الكوفيين والبصريين، وتداخل بعض أحاديث الرجال بأحاديث النساء، واختلاط مسانيد القبائل بمسانيد أهل البلدان. وقد نبه على ذلك الحافظ ابن عساكر في كتابه: "ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند". ثم قال: ولست أظن ذلك إن شاء الله وقع من جهة أبي عبد الله -رَحِمَهُ اللهُ- فإن محله في هذا العلم أوفى، ومثل هذا على مثله لا يخفى، وقد نُراه توفي قبل تهذييه، ونزل به أجله قبل تلفيقه وترتيبه، وإنما قرأه لأهل بيته قبل بذل مجهوده فيه خوفاً من حلول عائق موته دون بلوغ مقصوده فيما يرتضيه (٢).


(١) المصعد الأحمد المطبوع في مقدمة الشيخ شاكر للمسند ص ١٤.
(٢) مقدمة الطبعة الجديدة للمسند الصادرة عن مؤسسة الرسالة ص: ٦٣. نقلاً عن "ترتيب أسماء =