للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَمْهِيدْ

تعتبر مكتبة المذهب الحنبلي ثروة هائلة في الفقه الإسلامي، في أصوله وفروعه، وقد تكونت هذه المكتبة عبر الأدوار التي مر بها هذا المذهب في تاريخه وتطوره.

وكما سبق تركز المذهب الحنبلي في بغداد، ثم في الشام (دمشق - بعلبك - نابلس) ثم في مصر، ثم في المملكة العريية السعودية، فقد كانت المكتبة الحنبلية هي الأخرى تتبع ذلك التركز والتوضع في تطورها، وتكاملها.

ولا يخفى أن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على الرأي في أول أمره، كما مرَّ في سيرته، وذلك يستلزم بالحتم والتأكيد كراهة التأليف في الفقه وأصوله، لأن الفقه فيما عدا منصوصات الكتاب والسنة، إنما هو الرأي والقياس والإجتهاد.

ومن هنا، فإن فقه الإمام المبجل حُفظ ودون بواسطة جهود أولئك التلاميذ الذين كانوا يحيطون به، ويسمعون منه الأجوبة عن الأسئلة التي كانوا يسألونه إياها، أو يُسأل عنها بحضرتهم، فمنهم من دونها مباشرة، ومنهم من حفظها واستودعها ذاكرته، حتى إذا جاء وقت الحاجة دونها، وأملاها على تلامذته من الطبقة الثانية.

ثم جاء الخلَّال فجمع تلك المسائل بقدر ما أمكنه، فأدى واجب الكفاية في لَمِّ شمل هذا المذهب الجليل، وتدوينه تدويناً منهجياً يسهل على من جاء بعده معرفة المذهب الأحمدي وفاقاً وخلافاً وتوقفاً.

ثم جاءت أدوار التنقيح، والتهذيب، والتخريج، والإستدلال بالمنقول والمعقول، ووضع الأصول، والقواعد والضوابط، وغير ذلك من الأعمال الفنية والعلمية التي أخرجت الفقه الحنبلي إخراجاً كلاملاً، لا ينقصه شيء، على غرار المذاهب الأخرى التي مرت بنفس المراحل في التنقيح، والتهذيب، والتخريج، والإستدلال، والتأصيل.

ولا ريب أن اختلاف الروايات عن الإمام أحمد في المسألة الواحدة كان من المشكلات التي واجهت مقرري المذهب، ومحرريه، ومصححيه، إلا أنهم استطاعوا بفضل الله