للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١١ - عبد الله بن الإمام أحمد (٢١٣ هـ - ٢٩٠ هـ)]

يكنى أبا عبد الرحمن، وأمه ريحانة، تزوجها الإمام أحمد بعد وفاة عباسة أم صالح أخيه.

كان عبد الله رجلاً صالحاً، صادق اللهجة، كثير الحياء، شغوفًا بالحديث، سالكًا مسلك أبيه. قال الحافظ ابن عَدِيّ:

"نبل عبد الله بأبيه، وله في نفسه محل في العلم، أحيا علم أبيه من "مسنده" الذي قرأه عليه أبوه، خصوصاً قبل أن يقرأه على غيره، ومما سأل أباه عن رواة الحديث، فأخبره به ما لم يسأله غيره، ولم يكتب عن أحد، إلا مَن أَمَره أبوه أن يكتب عنه" (١).

فكان عبد الله أروى الناس عن أبيه على الإطلاق، وسمع معظم تصانيفه وحديثه، وسمع من عبد الأعلى بن حماد، وكامل بن طلحة، ويحيى بن معين، وأبي بكر، وعثمان ابني أبي شيبة، وشيبان بن فروخ، وكثير من الشيوخ قد أتى الذهبي على معظمهم سردًا، ثم قال: "وسائر هؤلاء حدث عنهم في "مسند" أبيه سوى بعض الأحمدين" (٢).

وقد طال عمر عبد الله بعد أبيه نحوًا من خمسين سنة، مع عنايته البالغة بنشر الحديث والعلم، فلذلك روى عنه الأكابر والأصاغر من رجال الطبقة الثانية، وتلقوا عنه مصنفاته ومصنفات أييه.

قال أبو الحسين بن المنادي: "لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أَبيه من عبد الله بن أحضد، لأنه سمع منه "المسند"، وهو ثلاثون ألفًا، و"التفسير" وهو مائة ألف وعشرون ألفًا، سمع منه ثلاثين ألفًا، والباقي وجادة، وسمع "الناسخ والمنسوخ"، و"التاريخ"، و"حديث شعبة" و"المقدم والمؤخر في كتاب الله" و"جوابات القرآن"، و"المناسك الكبير"، و"الصغير"، وغير ذلك من التصانيف، و"حديث الشيوخ".

قال: "وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث،

والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن


(١) السير ١٣/ ٥٢٣.
(٢) السير ١٣/ ٥١٧ - ٥٢٠.