للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الأول

وصف عام لأصحاب الإمام أحمد

كلمة "الأصحاب" في السير والتراجم لها معنيان:

الأول: أنها تعني الصحبة الحقيقية في اللغة، وهي الملازمة، سواء قلَّت أم كثرت. ويهذا الإعتبار يكتسب كل مسلم حصل له شيء من ذلك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشرفَ بأن يلقب "صحابيًا" مع ما لذلك من الفضل والمزايا. ولكن العرف خصص دلالة الصحبة في غير صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن كثرت ملازمته (١).

الثاني: أنها تعني الصحبة المباشرة وغير المباشرة، وهي الصحبة المعنوية التي تعني الملازمة للمصحوب بالعناية والهمة.

فأصحاب الإمام أحمد بالمعنى الأول، هم تلامذته الذين رووا عنه العلم على مراتبهم وأصنافهم. وهم المعنيون ببحثنا هذا؛ في نطاق الدور الأول من أدوار المذهب، والذي مثله الإمام وأصحابه الذين تلقوا عنه الفقه.

وأما أصحابه بالمعنى الثاني، فهم الفقهاء المجتهدون في سلك هذا المذهب، سواء أكانوا من أصحاب التخريج أم من أصحاب الترجيح أم ممن لهم اختيارات تفردوا بالذهاب إليها، ولو خرجوا عن المذهب في ذلك، وهم موزعون على عدة طبقات موزعة على العصور.

والذين ترجموا في الطبقات ليسوا كلهم من هذا القبيل، بل قد اعتاد المتأخرون من مقلدة المذاهب أن يذكروا في الطبقات المذهبية كل من له عناية وعمل في المذهب، ولو لم يسلك في عمله أي مسلك اجتهادي.

وسنصنف تلاميذ الإمام أحمد ثلاثة أصناف:


(١) الكليات، لأبي البقاء، ص ٥٥٨. ط. الرسالة.