للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالإضافة إلى هذا يعتبر الكلوذاني من الأدباء الشعراء المجيدين، وظف شعره في خدمة العلم، فقد نظم قصيدة دالية في بيان اعتقاده في مسائل الصفات وغيرها. وقد أوردها العليمي (١) كاملة، ومن جملة ما جاء فيها:

قالوا: فتزعم أنْ على العرش استوى ... قلت: الصوابُ كذاك أخبر سيدي

قالوا: فما معنى استِواه؟ أبِن لنا ... فاجبتهم: هذا سُؤالُ المعتدي

قالوا: فأنت تراه جسمًا قُلْ لنا ... قلت: المجسِّم عندنا كالمُلحِدِ

وقد تخرج على يدي أبي الخطاب عدد من أعلام المذهب، منهم: أبو المحاسن هبة الله بن أبي القاسم منصور الحراني، وعبد الوهاب بن حمزة البغدادي، وعلي بن الحسن الدواحي، وأبو بكر أحمد الدينوري، وعبد الله بن هبة الله السامُرّي، وعبد الرحمن الحلواني، وأحمد الأزجي، وعبد القادر الجيلي، وابن الدجاجي، ومسلم ابن ثابت المأموني، وأحمد بن أبي الوفاء البغدادي.

٣ - ابن المَنِّي (٥٠١ - ٥٨٣ هـ):

نصر بن فِتْيان بن مطر النهرواني. وهو وإن لم يكن معروفا بمؤلفاته، إذ لم يذكر له مترجموه إلا تعليقة كبيرة في الخلاف، فإنه صاحب المنة على كثير من الحنابلة من مختلف البلدان الإسلامية، فقد رحلوا إليه، وتربوا بين يديه، وتلقوا الفقه من لسانه. قال ابن رجب في وصفه:"ناصح الإسلام، وأحد الأعلام، وفقيه العراق على الإطلاق" (٢).

وقد صرف همته طول عمره إلى الفقه أصولًا وفروعًا، وطال عمره، وبعُد صيته، وتخرج عليه أئمة كثيرون. قال ناصح الدين ابن الحنبلي -وهو من حنابلة الشام-:

"رحلت إليه فوجدت مسجده بالفقهاء والقراء معمورًا، وكل فقيه عنده من فضله وإفضاله مغمورًا، فأنخت راحلتي بربعه، وحططت زاملة بغيتي على شرعة شرعه، فوجدت الفضل الغزير، والدين القويم المنير، والفجر المستطيل المستطير، والعالم الخبير،


(١) المنهج الأحمد ٣/ ٥٨ - ٦١.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣٥٨.