يعتبر القرن الرابع من أبرز قرون الدولة الإسلامية في السياسة والإجتماع والثقافة.
فالدولة العباسية كانت قد قطعت أكثر من مائة وسبعين سنة في مطالع هذا القرن، ويالتالي تكون تجربتها في السياسة والحكم والإدارة قد بلغت حد النضج، على الرغم من الفتن الداخلية ومنازعة الدول المنشقة عنها لها في أطراف العالم الإسلامي.
وتتبين خريطة العالم الإسلامي السياسية على وجه التقريب في هذه الحقبة الزمنية واضحة في انقسام الخلافة الإسلامية إلى ثلاث دول:
فنجد بلاد الأندلس قد خلصت للأمويين منذ الأيام الأولى التالية لسقوط دولتهم في المشرق، وقد استقلت استقلالًا تامًا عن بغداد، وتَسمَّى أميرها بأمير المؤمنين.
وتكونت دولة الفاطميين (العُبيديين) في تونس على أنقاض الأغالبة وأخذت تمتد في ناحية المشرق طامعة في الوصول إلى العاصمة العباسية، فامتدت على رقعة واسعة من المغرب الأقصى والجزائر ومصر والحرمين والشام، وزاحمت بني العباس حتى في العراق، وبني أمية في الأندلس التي كانت قد عظمت جدًا في آخر القرن الثالث والرابع.
فصارت الخلافة الإسلامية في القرن الرابع يدعيها ثلاث دول عظمى: بنو أمية في الأندلس، والفاطميون الروافض في المغرب ومصر والحجاز والشام، وبنو العباس فيما وراء ذلك (١).
وقد كانت سُلطة الدولة العباسية في هذا القرن قد انتقلت إلى بني بُوَيه بالفعل، وان كانت عباسية بالإسم، وهم جماعة من الفرس حكموا العراق وجنوي فارس زهاء قرن