للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الشيخ أبا بُطين إلى جانب الزهد والورع، ماهراً بالفقه ومذاهبه حتى إنه ليُعدُّ فقيه الديارالنجدية في القرن الثالث عشر بلا منازع، قال عنه تلميذه ابن حميد: "وأما اطلاعه على خلف الأئمة الأريعة، بل. وغيرهم من السلف، والروايات والأقوال المذهبية، فأمر عجيب، ما أعلم أني رأيت في خصوص هذا من يضاهيه؛ بل ولا من يقاربه" (١). وقال عنه تلميذه ابن بشر: "وكان من الزهد والورع والكرم على جانب عظيم، مشتغلاً ليله ونهاره في خدمة العلم وطلبته، وهو كثير الإحسان إليهم، له المعرفة التامة في التفسير والحديث والفقه، وكان إماماً في كل العلوم" (٢).

توفي الشيخ البابطين في شقراء سنة (١٢٨٢ هـ) بعد عمر طويل قضاه في خدمة المسلمين ونفع طلاب العلم، -رَحِمَهُ اللهُ- رحمة واسعة وأجزل له المثوبة (٣).

[٣ - الشيخ عبد الرحمن بن حسن أل آلشيخ (١١٩٣ - ١٢٨٥ هـ)]

وهو حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومجدد دعوته الإصلاحية.

وُلد في الدرعية، وكانت يومئذ موطن العلم الدعوة ومعهد علماء السلف. وتلقى ترييته ونشأته الأولى على يد جده؛ إذ قُتل والده وهو صغير، فحفظ القرآن ولازم الدروس وتدرب على الفقه، ثم لازم علماء الدرعية بعد وفاة جده، ومنهم عمه عبد الله، والشيخ حمد بن ناصر بن معمَّر، حتى مهر وتمكن وهو في باكورة شبابه، فأقبل عليه الطلاب وأخذوا عليه من فنون العلوم: التوحيد والتفسير والحديث والفقه وغير ذلك. ثم استُقضي للإمام سعود بن عبد العزيز على الدرعية، فسار السيرة الحسنة، وصاحب الإمام عبد الله بن سعود مجاهداً بالسيف والقلم واللسان.

ولما غزا الأتراك نجداً وخربوا الدرعية سنة (١٢٣٣ هـ) نُقل الشيخ إلى القاهرة في ثلة من أفراد أسرته. وهناك أقبل على التوسع في العلم بين مجالسة العلماء ومنادمة الكتب، فقرأ على بعض كلبار علماء الأزهر ومصر، ولازم كثيراً منهم، كالشيخ عبد الله بن سويدان والشيخ حسن القويني، وأجازوه بإجازات طويلة مسلسلة وأثنوا عليه فيها.


(١) السحب الوابلة ٢/ ٦٣١.
(٢) علماء نجد ٤/ ٢٣٠، نقلاً عن نسخة خطية خاصة من كتاب "عنوان المجد".
(٣) علماء نجد ٤/ ٢٢٥، ومشاهير علماء نجد ص ٢٣٥، والسحب الوابلة ٢/ ٦٢٦.