لا يذكر الإمام أحمد إلا ويذكر معه ذلك الديوان العظيم "المسند" والذي غابت في ضياء شمسه لوامع كتبه ومصنفاته الأخرى، لقد انتشر هذا الكتاب في الآفاق وسارت به الركبان، وكان له من المنزلة بين كتب الإسلام ما كان للإمام أحمد من المنزلة بين أئمة الإسلام الكبار.
وسيكون الحديث عن المسند في المباحث التالية:
- تاريخ تأليفه.
- وصفه.
- روايته.
- مكانته.
- الأعمال التي تمت عليه.
• تاريخ تأليف المسند:
لقد مر تاريخ تدوين السنة النبوية بعدة مراحل، فكانت في زمن الصحابة محفوظة في صدور الرجال إلا بعض الصحائف التي كانت بأيدي ثلة قليلة من الصحابة ... وكذلك كان الحال في صدر زمن التابعين، إلى أن عهد عمر بن عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- إلى حافظ زمانه ابن شهاب الزهري (ت ١٢٤ هـ) بجمع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبدأ الجمع من يومئذ وبزغ
فجر التدوين، فدونت السنة في تلك المرحلة الأولى في "جوامع" كجامع سفيان الثوري، وجامع سفيان بن عيينة، وجامع ابن جريج، وجامع فلان وفلان ...
وكانت تلك "الجوامع" لا تتميز بأي نظام تصنيفي، وإنما كانت تجمع أحاديث فلان على حدة وأحاديث فلان على حدة، وهكذا، ويسمى المجموع الكلي لتلك المسموعات المترجمة على الشيوخ: الجامع.
ثم جاء دور"التصنيف"، والتصنيف يختلف عن التدوين؛ إذ إنه يعتمد على منهج محدد وترتيب منسق داخل الكتاب المؤلف.