للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى وجه العموم، فقد كانت العلاقة جد طيبة بين حنابلة حَرَّان، ويين الدولة النورية، وكان من نتيجة ذلك أن ولوهم الشؤون القضائية والفتوى والخطابة وإدارة المدارس والتدريس.

إن المتتبع لتراجم الحنابلة ليجد كثافة واضحة من الحرّانيين في القرن السابع على وجه الخصوص، مما يدل على ازدهار المذهب هناك خلال هذا القرن، ولا أوضح ولا أدل على ذلك من أن أسرة ابن تيمية (عبد السلام وعبد الحليم وأحمد) قد كان لها أثر عظيم في هذا الشأن، وفي هذا القرن على وجه الخصوص، ولذلك فإننا ننوه بشيء من التعريف بهذه الأسرة، وكشف اللثام عن شيء من جهودها في خدمة المذهب الحنبلي في حَرَّان.

[آل تيمية وجهودهم في خدمة المذهب الحنبلي]

جدّ هذه الأسرة (١) هو: أبو القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي. ينتهي نسبهم إلى بني نمير. ولقب محمد بـ "تيمية"، قيل: لأنه حج على درب تيماء فرأى هناك طفلة اسمها تيمية، وكانت امرأته حاملًا، فجاء وقد وضعت بنتًا، فقال: تيمية، لما رأى من شبهها بتلك الطفلة، فلقب بذلك. وقيل: إن أم محمد هذا كانت تسمى: تيمية، وكانت واعظة (٢).

نشأت هذه الأسرة بحران، ثم انتقلت إلى دمشق الشام بسبب غارة التتار، وكانت عدة أسر أخرى قد هاجرت في تلك الغارة، وكان أحمد بنُ عبد الحليم تقي الدين في ذلك الوقت لم يتجاوز السابعة من عمره.

وقد كان أبوه عبد الحليم (٦٨٢ هـ) وجده عبد السلام (٦٥٢ هـ)، من علماء حرّان المشهورين، قبل الهجرة إلى الشام.

كان عبد السلام أبو البركات فقيهًا إمامًا مقرئًا، محدثًا مفسرًا أصوليًا، نحويًا.

نشأ نشأته الأولى في حرّان وتلقى العلوم الأولية فيها، ثم رحل إلى بغداد على


(١) يمكن الإطلاع على مشجرة هذه الأسرة في مقدمة تحقيق "المنهج الأحمد" ١/ ٥٨.
(٢) ذيل الطبقات ٢/ ١٦١، وهامش "المقصد الأرشد" ٢/ ٤٠٧.