للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢ - ابن المنادي (٢٥٦ هـ - ٣٣٦ هـ)]

أحمد بن جعفر بن محمد، أبو الحسين، البغدادي المولد والنشأة والوفاة.

سمع جده محمدًا، وأباه جعفرًا، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وعباس الدوري، وزكريا بن يحيى المروذي، وعبد الله بن أحمد، وغيرهم. لكنه اختص بكثرة الرواية عن عبد الله بن الإمام أحمد، فلئن كان الخلال اختص بالمروذي، وروى ما عنده، فقد اختص ابن المنادي بعبد الله.

وكان -رَحِمَهُ اللهُ- ثقة أمينًا ثبتًا صدوقًا ورعًا، حجة فيما يرويه، محصلًا لما يحكيه. وكان من المصنفين المكثرين، حتى قالوا: إن مصنفاته بلغت نحوًا من أربعمائة مصنف، قال ابن الجوزي: ولا يوجد في كلامه حشو، بل هو نقي الكلام جمع بين الرواية والدراية (١).

ومع كثرة هذه التصانيف، فإن الناس لم يسمعوا منها إلا أقلَّها، والسبب في ذلك على ما قاله الخطيب البغدادي، هو أنه كان صُلْب الدين، شرس الأخلاق (٢).

ويعد ابن المنادي، بالإضافة إلى روايته الفقه عن أحمد، من الحفاظ للحديث، ومن القراء واللغويين، فلذلك نجده مترجمًا في طبقات علماء هذه الفنون. قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضاً، وروى الحروف سماعًا عن الحسن بن العباس، وأبي أيوب الضبي، وإدريس بن عبد الكريم، والفضل بن مخلد الدقاق .. ثم قال: مقرئ جليل، غاية في الإتقان، فصيح اللسان، عالم بالآثار، نهاية في علم العربية، صاحب سنة، ثقة مأمون (٣).

وكان ابن المنادي من المشاركين في الفقه الممارسين له، المستقلين بالفهم داخل الذهب الحنبلي، حتى إنه كانت له اختيارات، منها:

إيجاب غسل اليدين عند القيام من نوم الليل، وتنجيس أسآر جوارح الطيور، وتحريم الوضوء من آنية الذهب والفضة مع الحكم بصحة الطهارة (٤).


(١) المنهج الأحمد ٢/ ٢٤٥.
(٢) تاريخ بغداد ٤/ ٦٩.
(٣) السير ١٥/ ٣٦١.
(٤) الطبقات ٢/ ٦.