للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته]

يعتبر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عليه رحمة الله المجللة، باعثاً لدعوة إصلاحية ودعوة تجديدية إسلامية شاملة، تركت أثرها البالغ في داخل الجزيرة العربية، ووصل صداها إلى مختلف الأنحاء من الأقطار الإسلامية في خارجها.

ينتسب الشيخ إلى أسرة تسمى في نجد بآل مشرف، من بني تميم، إحدى القبائل العربية الشهيرة. ويعتبر بيت آل مشرف بيت علمِ قد توارثوه أباً عن جد، فجد الشيخ هو سليمان ابن علي كان من أبرز علماء نجد في وقته، صنف، ودرس، وأفتى، وتولى قضاء العُيينة.

وكذلك كان والده عبد الوهاب عالماً فقيهاً قاضياً في العُيينة ثم حُرِيملاء، أريعة عشر عاماً في هذه وأربعة عشر عاماً في هذه (١).

ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العُيينة سنة ١١١٥ هـ، ونشأ فيها نشأته الأولى، متعلماً على والده، حتى أدرك قسطاً طيباً من العلم. وكانت نجد على ما تقدم آنفاً من الركود والجمود والبدع والجهل. فاعتزم الشيخ السفر إلى مكة، فأخذ عن علمائها هناك، ثم توجه إلى المدينة. فوجد فيها عالمين سلفيين: الشيخ المحدث محمد حياة السندي، والشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف الشمري النجدي (٢)، فتضلع مما عندهما. ثم توجه إلى البصرة، فقرأ على أهلها، ولازم الشيخ محمد المجموعي البصري، الذي ينتهي نسبه إلى طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه -، وزار الأحساء، وأخذ عن علمائها، فاستكمل العلوم التي كانت تنقصه من تفسير وحديث ولغة، وغير ذلك (٣).


(١) عوان المجد في تاريخ نجد، للعلامة عثمان بن بشر النجدي، ١/ ٨٩ - ٩٠، وعلماء نجد عمر ثمانية قرون ١/ ١٢٧.
(٢) تُرجم الاول في: أبجد العلوم، للقنوجي، ٣/ ١٦٩، ط. الكنب العلمية، والثاني في: علماء نجد خلال ثمانية قرون ٤/ ٦.
(٣) ولا يفوتنا هنا أن ننبه إلى الأخطاء الي وقعت في كتاب "حاضر العالم الإسلامي" (٤/ ١٦١) وغيره، من أن الشيخ طلب العلم في دمشق وبغداد، وغيرهما. وقد حقق الشيخ عبد الله البسام عدم صحة ذلك من أحد أحفاد الشيخ، كما أثبته في كتابه "علماء نجد" ١/ ١٦٤.