للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانياً. في الرواية عنه:

روى الناس عن اللإمام أحمد الحديث بسنده، ورووا عنه الفقه الذي نُسج منه مذهبه وتألف فيما بعد. وكان إذ ذاك في صورة مسائل أجاب عنها، ثم دوَّنها الأصحاب من بعده وجمعوها، وصارت هي أم المذهب.

• فأما الحديث:

فهو الإمام فيه، والمفتاح لخزائن كنوزه، والجهبذ في معرفة علله ورجاله، وصحيحه وسقيمه، بل يعتبر فقهه وليداً من حديثه، لا يكاد يسأل عن مسألة إلا ويجيب فيها بحديث مسند، أو أثر لصحابي، أو فتوى لتابعي. قال عبد الوهاب الوراق:

"ما رأيت مثل أحمد بن حنبل. قالوا له: وأيش الذي بأن لك من علمه وفضله على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة، فأجاب فيها بأن قال: "أخبرنا" و"حدثنا" (١).

وقد روى عنه الناس في مسانيد الصحابة، وخرجوا أحاديثه في مصنفاتهم، ورووا عنه في علل الأحاديث، كلما رووا عنه في معرفة الرجال فيما يتعلق بأسمائهم، وكناهم، وألقابهم، وجرحهم وتعديلهم، وغير ذلك.

وحدث عنه جماعة من مشايخه ومن الأكابر منهم، قد استوفاهم ابن الجوزي بأسمائهم، فذكر منهم (١٩) شيخاً؛ كإسماعيل ابن علية، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن إدريس الشافعي، وتقدم أنه يذكره في مروياته بوصفه لا باسمه، فيقول: حدثني الثقة (٢).

وحدث عنه من تلامذته جماعة لا يحصون كثرة، جرد ابن الجوزي أسماءهم في "المناقب" والمزي في "تهذيب الكمال".


(١) طبقات الحنابلة، لإبن أبي يعلى ١/ ٦.
(٢) "المناقب": ص ١١٦، و"السير" ١١/ ١٨٣.