للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثاني

في ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية

يعتبر هذا المبحث من أصعب المباحث، فإن الخوض في غماره أشبهُ بالغَوصِ في بحار لجية سحيقة الأعماق، بعيدة الأغوار، إذ إن ترتيب المكتبة الفقهية الحنبلية عمل يتطلب الإشراف على جميع ماكتبه الحنابلة في الفقه الإسلامي وأصوله وقواعده، وغيره من الفنون العشرة التي تقدم الكلام عليها. ثم القيام بترتيب ذلك العدد الهائل من المصنفات ترتيباً نوعياً وفق منهج محدد، بحيث يتضح موقع كل كتاب من ذلك الترتيب الغني المتسلسل.

وهذا شيء صعب، فإن كثيراً من الكتب التي صنفت لا يعرف عنها شيء، فهذا ابن أبي يعلى (٥٢٦ هـ) لما جرد مصنفات أبيه، قال: فأما عدد مصنفاته فكثيرة، فنشير إلى ذكر ما تيسر منها (١).

ومعنى ذلك أنه ما جرد منها إلا ما تيسر مع أنه ابن المصنف، فكيف بغيره؟! ثم إنه جرد (٥٦) عنواناً، يوجد منها في عالم المخطوطات (٩) عناوين، و (٤٨) عنواناً مفقوداً (٢)!.

وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول في "الأجوبة المصرية" عن كتب ابن الجوزي: كان الشيخ أبو الفرج كثير التصنيف والتأليف، وله مصنفات في أمور كثيرة، حتى عددتها، فرأيتها أكثر من ألف مصنف، ورأيت له بعد ذلك ما لم أره له (٣)!!.

وعلي هذا، فإن الكتب التي نعرفها الآن قليل من قليل، ولو أن بعضها لم يصل إلينا منه إلا العنوان.


(١) الطبقات ٢/ ٢٠٥.
(٢) القاضي أبو يعلى وكتابه الأحكام السلطانية، للدكتور عبد القادر أبو فارس.
(٣) مؤلفات ابن الجوزي، لعبد الحميد العلوجي، ص ٦ ط. الكويت، ١٩٩٢. وقد أحصى له في الكتاب المذكور (٥٧٤) عنواناً. فانظر كم بقي مجهولاً؟