وقد أثمرت دعوة الشيخ في نجد وما حولها ثلةً من أهل العلم والفضل، تألّقت نجومهم وأسهموا بجهود مبرورة على عهد الدولة السعودية الأولى والثانية، وكان من هذه الثلة كوكبة نيِّرة من آل الشيخ أبناءً وأحفاداً (١).
ومن أبرز هؤلاء العلماء:
[١ - الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب (١١٦٥ - ١٢٤٤ هـ)]
وُلد في الدرعية، وتلمذ لأبيه في بواكير حياته، فحظي بحَوْطٍ من الرعاية والعناية والتربية، فنشَّأه تنشئَةً حسنة، فقرأ القرآن وحفظه عن ظهر قلب، بالإضافة إلى مبادئ العلوم الشرعية والعربية. فلما كبر لازم العلّامة حمد بن معمر، فأخذ عنه الأصول والفروع والحديث، ثم رحل إلى مكة المشرَّفة فتلقى عن علماء المسجد الحرام علوم اللغة والحديث، ثم انتقل إلى المدينة المنورة، فتضلع من علم الحديث خاصة عن علمائها، ثم رجع إلى بلدته ومسقط رأسه، فخاض جهاد الدعوة مع والده ويعده، حتى غزا الأتراك نجداً وخرّلوا الدرعية، فنُقل إلى القاهرة في آخرين من أسرة الشيخ سنة (١٢٣٣ هـ)، فاستقر بها حتى توفي سنة (١٢٤٤ هـ) في عهد الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية، -رَحِمَهُمَا اللهُ- وأجزل لهما المثوبة.
ويرز الشيخ عبد الله في الأصول والتفسير والحديث وأصولهما، وكان بصيراً بالعقائد، عارفاً بمقالات الفرق الإسلامية. وفي عهد والده كان جلُّ اهتمامه منصرفاً إلى المزيد من التفقه، وتعليم الخاصة من تلاميذه وقاصديه. فلما توفي والده حلّ محله في نشر الدعوة ومحمل أعبائها ومهامّها الجليلة، وكان مرجع أهل العلم في بلاد نجد قاطبة بعد والده، -رَحِمَهُمَا اللهُ- جميعاً. وكان عضداً مساعداً لثلاثة من الأئمة في الدولة السعودية الأولى: الإمام عبد العزيز بن محمد، وابنه الإمام سعود، وحفيده الإمام عبد الله.
(١) صُنفت عدة كتب في تراجم علماء نجد وتاريخه الحديث؛ من أبرزها: علماء نجد خلال ثمانية قرون، للشيخ البسام، ومشاهير علماء نجد، للشيخ عبد الرحمن آل الشيخ، وروضة الناظرين ومآثر علماء نجد وحوادث السنين، لمحمد القاضي، وعقد الدرر فيما وقع من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر، لإبراهيم بن عيسى، وعنوان المجد، لإبن بشر، والأخبار النجدية، لمحمد عمر الفاخري، وغير ذلك.