[أثر الملكة العربية السعودية في ازدهار الفقه الحنبلي]
تعتبر المملكة العربية السعودية اليوم امتداداً للجهود المتواصلة التي قام بها آل سعود في توحيد الجزيرة العربية ولم شتاتها منذ أن قام الإمام محمد بن سعود -رَحِمَهُ اللهُ- يؤازر الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رَحِمَهُ اللهُ- في دعوته، ويفضل الله، تم بفضل تلك الجهود التي قام بها الشيخ والإمام تكونت الدولة السعودية الأولى التي مثلت النتائج المباشرة للدعوة الإصلاحية.
واستمرت تلك الدولة مدة تَنوفُ على السبعين عاماً قبل نشوب الحرب مع الأتراك، وتولى الإمامة فيها على التوالي الأئمة: محمد بن سعود، ثم عبد العزيز ابن الإمام محمد، ثم سعود بن عبد العزيز، ثم عبد الله بن سعود، رحمهم الله وأكرم مثواهم.
ويعتبر عهد الإمام سعود بن عبد العزيز العهد الذهبي للدولة، إذ امتدت ظلالها إلى قلب اليمن جنوباً، ومشارف العراق وسورية شمالاً (١).
وفي ظل ذلك الإمتداد والتوحيد للمناطق العربية التي كانت قبل ذلك تعيش في فوضى وتشرذم دائم، انتشرت الدعوة الإسلامية بهدوء، وأمن واطمئنان، وفتحت الجزيرة عينيها على عهد جديد زاهر على كافة المستويات، وقد جندت الدولة العثمانية قواتها المصرية لكسر شوكة هذه الدولة، التي وحدت ما تحت يديها، وألفت بين أبناء المنطقة، بدعوى أن هذا العمل خروج عن الخلافة العثمانية، وشق لعصا المسلمين، والواقع أن الدولة العثمانية كانت غائبة تماما من الناحية الفعلية عن المنطقة قبل قيام الدولة السعودية الفتية، كما كانت غائبة عن الثغر الجزائري حين احتلته فرنسا بسهولة تامة. وعن كثير من البلاد الإسلامية، علاوة على ضعفها، وعدم اهتمامها بالدعوة إلى الكتاب والسنة، والى نشر الإسلام بلغته العربيه التي نزل بها كتاب الله الكريم.
(١) تاريخ المملكة العرية السعودية، للدكتور عبد الله بن صالح العثيمين، ١/ ١٤٧.