إن آخر الأعمال العلمية المنجزة حول "المسند" هو التحقيق الذي قامت به "مؤسسة الرسالة" العامرة؛ ضمن "الموسوعة الحديثية الكبرى". وهو مشروع قد اعتزمت هذه المؤسسة الميمونة بعون الله وتوفيقه على أن تتولى إصداره، مبتدئة بـ:"مسند الإمام أحمد"، وتالية ببقية الدواوين الأخرى، كالصحيحين والسنن الأريعة، وغيرها من كتب السنة المسندة مما دونه المحدثون الثقات خلال القرون الخمسة الهجرية الأولى؛ ما طبع منها وما لم يطبع، متبعة في ذلك أمثل مناهج التحقيق الذي يعتمد على الأصول الخطية المتقنة الموثقة، وضبط النص وترقيمه، وسلامته من التحريف والتصحيف، ووضع الفهارس الميسِّرة للإفادة منها بأقرب الطرق.
وقد نشأت هذه الفكرة لدى موسسة الرسالة خطوة جديدة على الطريق الأصيل، والمنهج الإسلامي الواضح الذي سلكته في العناية بالتحقيق والطباعة والنشر للكتب النافعة والهادفة إلى إصلاح الأمة، وبما أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وأنه إنما صلح أول هذه الأمة بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه الخالية عن شوائب التشويه والتغيير، والدس والوضع، فقد رأت أن الطريق إلى صلاح آخر هذه الأمة ونهضتها والسبيل إلى إيجاد وعي إسلامي صحيح لدى أبنائها، بعيد عن الأهواء العاصفة، إنما يتمثل في إخراج أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضمن إطار موسوعة حديثية كبرى تنتظم كتب السنة.
ويعتبر "المسند" أول كتاب في طريق تحقيق هذا المشروع الجليل، وباكورة السعد في إنجاز هذه الموسوعة المنشودة.
وقد عهدت مؤسسة الرسالة في القيام بمثل هذا العمل ذي الأهمية والخطورة من حيث إنه يتطلب كفاية واقتدارًا وصرفة بالصناعة الحديثية وطول مراسها، عهدت بذلك إلى ثلة من الأساتذة الذين لهم باع في هذا الشأن.
ولم يكن "المسند" ليحتل الصدارة في السعي في إنجاز هذه الموسوعة اعتباطًا، ولا وقع عليه الإختيار بضربة لازب، بل إن لتقديمه على غيره ما يبرره من الأسباب، ذلك أنه ما