للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعقب ابن رجب على ذلك، فقال: "وإلى يومنا هذا الأمر على ذلك، فإن أهل زماننا، ومن قبلهم إنما يرجعون في الفقه من جهة الشيوخ والكتب إلى الشيخين: موفق الدين المقدسي، ومجد الدين ابن تيمية الحراني. فأما الشيخ موفق الدين، فهو تلميذ ابن المنّي، وعنه أخذ الففه، وأما ابن تيمية فهو تلميذ نلميذه أبي بكر محمد بن الحلاوي" (١).

٤ - ابن الجَوزي (٢) (٥٠٩ - ٥٩٧ هـ):

هو الشيخ العلامة، الحافظ، المفسر، شيخ الإسلام، جمال الدين، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد. ينتهي نسبه إلى خليفة المسلمين الأول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه وأرضاه - (٣).

ولد في بغداد سنة (٥٠٩ هـ) ونشا فيها وتعلم حتى برع في كثير من الفنون والعلوم، وصار شيخ وقته، وواعظ زمانه.

وكان مولده بدرب حبيب -محلة ببغداد- وتوفي أبوه وهو صغير لا يتجاوز الثالثة من العمر، فقامت على رعايته وكفالته أمه وعمته، وكانت عمته جاهدة حريصة على تعليمه وتحفيظه، فحملته عند ترعرعه إلى مسجد أبي الفضل بن ناصر، فاعتنى به وأسمعه الحديث (٤). وهكذا أخذ يتدرج ويتقدم في العلوم حتى نضج واكتمل وبرع، ومالت نفسه إلى الوعظ منذ صغره، فلهج به وهو مراهق، ووعظ الناس وهو صبي.

وبدأ مسيرته العلمية سنة (٥١٦ هـ)، وقد تحدث هو بنفسه عن تلك البداية في مقدمة مشيخته فقال:

"حملني شيخنا ابن ناصر إلى الأشياخ في الصغر، وأسمعني العوالي، وأثبت


(١) الذيل ١/ ٣٦٠، المنهج الأحمد ٣/ ٢٩٦.
(٢) اختلف في هذه النسبة إلى ماذا تكون؛ فقيل: إلى محلة بالبصرة تعرف باسم "الجوزة"، وقيل: إلى شجرة الجوز، وذلك أنه كانت بداره في واسط جوزة، لم يكن بواسط جوزة سواها. السير ٢١/ ٣٧٢، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٤٠٠.
(٣) السير ٢١/ ٣٦٥، وذيل طبقات الحنايلة ١/ ٣٩٩.
(٤) السير ٢١/ ٣٦٨، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٤٠١.