فتلقاني بصدر بالأنوار قد شرح، ومنطق بالأذكار قد ذكر ومدح، وبباب إلى كل باب من الخيرات قد شرع وفتح، فتح الله عليه. حفظ القرآن العظيم، وهو في حداثة من سنه، ولاحت عليه أعلام المشيخة، فرجح مَنُّه على كل مَنّ بفضل الله تعالى ومَنّه، ولم ينقل عنه أنه لعب، وَلَاَلهَا، ولا طرق باب طرب ولا مشى إلى لذة ومشتهى" (١).
وقال ابن الحنبلي أيضًا: أفتى ودرّس نحوًا من سبعين سنة، ما تزوج ولا تسرى، ولا ركب بغلة ولا فرسًا ... وكان لا يتكلم في الأصول.
ويهذا تدرك السر الذي لأجله كثر تلاميذ هذا الشيخ وذاعت أخباره ورحل إليه الرجال من الآفاق.
فمن تلامذته البغداديين:
أبو بكر الحلاوي، وقاضي القضاة نصر بن عبد الرزاق، حفيد الشيخ عبد القادر الجيلي.
ومن تلامذته الشامين:
الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي، والحافظ عبد الغني المقدسي، وكلاهما غني عن التعريف، ومنهم الناصح ابن الحنبلي.
ومن تلامذته الحرانيين:
الشيخ المفسر فخر الدين ابن تيمية، والموفق ابن صديق، ونجم الدين ابن الصيقل.
قال الناصح بن الحنبلي: "وفقهاء الحنابلة اليوم في سائر البلاد يرجعون إليه وإلى أصحابه".
(١) ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣٥٩، المنهج الأحمد ٣/ ٢٩٥. وننبه القارئ الكريم إلى أن طبقات الحنابلة وذيله مطبوعان طباعة سيئة مليئة بالتحريفات والتصحيفات وبعض السقط مما يوجب التأكد من المعلومات في المصادر الأخرى.