كلمة اختيار كلمة تتردد في كتب الفقه والأصول تردداً اصطلاحياً خاصّاً، وجمعها "اختيارات"، فهي من لغة الفقهاء واصطلاحاتهم، ومدلولها اللغوي واضح لا يحتاج إلى تفسير.
وجاءت هذه الكلمة متكررة في تراجم كثير من مجتهدي المذهب المترجَمين في "طبقات ابن أبي يعلى"(٥٢٦ هـ)، فإنه كثيراً ما يصف المترجَم بقوله: له الإختيارات في المسائل المشكلات، أو: له الإختيارات في المذهب، أو ما يشبه ذلك.
فالاختيار يعني: الإنتقاء من الخلاف المذهبي، بناء على اجتهاد في الترجيح للقول أو الرواية أو الوجه الذي يختاره الفقيه المنتسب. وقد يخرج الإختيار بصاحبه عن المذهب كلية لا يقتضيه الدليل.
والإختيار قد يكون مطلقاً بحيث لا يتقيد بأحد المجتهدين في المذهب، بل يتخير الفقيه من أقوالهم وتخريجاتهم، أو من الروايات المختلفة المروية عن الإمام ما يؤيده الدليل وتساعده الأصول، ويفتي به.
وقد يكون الإختيار مقيداً بالخلاف مع أحد المجتهدين، كاختيارات غلام الخلَّال التي خالف فيها شيخه الخلال، واختياراته التي خالف فيها شيخه الخرقي، فاختياراته هذه ليست مطلقة، بل هي مقيدة بما قرره الخلَّال أو الخرقي مذهباً للإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ-.
فإذا تبين هذا، فالاختيارات المعروفة في الفقه الحنبلي ترجع في مجموعها إلى هذين القسمين:
إما اختيارات مطلقة، كما هي اختيارات شيخ الإسلام التي نتحدث عنها. وإما اختيارات مقيدة شاعت كثيراً في الأدوار التي كان المذهب يتكامل فيها، ويتنسق، ويُحرر.
• التأليف في الإختيارات:
ألف علماء الحنابلة عدة كتب في فن الإختيارات الفقهية تأليف تدل على السعة الإجتهادية التي تميز بها فقهاء هذا المذهب، ومارسوها في الصناعة الفقهية. فمن ذلك: