للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولماكان قصد الحلال هو جمع علم الإمام أحمد وتدوينه في كتاب مصنف، كان لابد من الرحلة والتقصي في البلدان. ولم يقتصر على الرواة الكبار للمسائل، ولا على طبقة واحدة، بل تتبع الرواة على اختلافهم في الكثرة والقلة، والمباشرين والذين رووا بواسطة، وهكذا.

قال ابن أبي يعلى: "سمع منهم مسائل أحمد، ورحل إلى أقاصي البلاد في جمع مسائل أحمد، وسماعها ممن سمعها من أحمد، وممن سمعها ممن سمعها من أحمد، فنال منها، وسبق إلى ما لم يسبقه إليه سابق، ولم يلحقه بعده لاحق، وكان شيوخ المذهب يشهدون له بالفضل والتقدم" (١).

وقال ابن الجوزي: "صرف عنايته إلى جمع علوم أحمد بن حنبل، وسافر لأجلها، وكتبها عالية ونازلة، وصنفها كتبا، منها كتاب "الجامع" نحو من مائتي جزء، ولم يقاريه أحد من أصحاب أحمد في ذلك" (٢).

وهذا يدل على حجم ذلك الديوان العظيم الذي أطلق عليه اسم "الجامع لعلوم أحمد" تارة، و"جامع الرواية عن أحمد" تارة، و"الجامع في الفقه من كلام الإمام أحمد" تارة ثالثة. فهو نحو من مائتي جزء في كلام ابن الجوزي السابق، وقال الذهبي وابن القيم (٣): يكون عشرين مجلدًا أو أكثر. ولا معارضة بين ذلك، لأن المتقدمين كانوا يطلقون على الكراس، وعلى ما يقرب من الكراسين جزءًا، وأما السفر -أو المجلد- فهو ما جمع عدة أجزاء (٤).

• مصنفات الخلّال:

صنف الخلال إلى جانب "الجامع" كتبًا أخرى، منها: "العلل"، و"السنة"، و"الطبقات" يعني طبقات أصحاب الإمام أحمد، و"العلم"، و"تفسير الغريب"، و"الأدب"، و"أخلاق أحمد"، و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، و"الحث على التجارة" (٥).


(١) الطبقات ٢/ ١٣. وقد تبين الكثير من ذلك من خلال الأسانيد التى خرج منها فقه الإمام أحمد عن أصحابه في كتاب "الوقوف" وهو مطبوع نشرته مكتبة العارف سنة (١٤١٠ هـ)، وكتاب "أحكام أهل الملل" وهو مطبوع، نشرته دار الكتب العلمية سنة (١٤١٤ هـ).
(٢) المناقب، ص ٦١٨.
(٣) الشر ١٤/ ٢٩٧، وإعلام الموقعين ١/ ٣٥، ط. دار الحديث، ١٩٩٣.
(٤) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد، ص ١٢٤.
(٥) معجم المؤلفين ١/ ٣٠٢، السير ١٤/ ٢٩٧.