ونيف، فكان من الطبعي أن يصاب العربي في عهدهم بنكسة، وأن تكون الغلبة للقومية الفارسية، وأن يسود المذهب الشيعي، ويتوغل في شرق الخلافة العباسية المفككة وغربها، وأن يؤدي ذلك إلى صراع عنيف بين السنِّيين الذين كان يساندهم الأتراك، ويين الروافض الذين كان يساندهم البويهيون.
وكان هؤلاء البويهيون على ما لهم من مزايا معروفين بالسطوة والجبروت والقسوة، حتى امتلأ تاريخهم بأخبار الويلات والمآسي التي حلت بالناس من جراء الفوضى التي سادت أيام حكمهم.
ويذكر كثير من المؤرخين أن الخلافة العباسية فقدت هيبتها، وضعف شأنها في العهد البويهي، وأن الخليفة أصبح عبارة عن رمز ديني ليس له من السلطة سوى الإسم فقط، أما السلطة الفعلية في الدولة فكانت في يد الأمير البويهي.
وفي الحقيقة لم يكن بنو بويه هم السبب المباشر لضعف الخلافة العباسية وفقدانها لهيبتها، فالأحداث التاريخية تثبت أن الخليفة العباسي والخلافة العباسية فقدا ما كان لهما من نفوذ وهيبة في عهد ازدياد نفوذ الأتراك قبل قيام الدولة البويهية، حيث أصبح القواد الأتراك، هم المسيطرين فعلًا على مقاليد الأمور في الدولة، وبلغ من نفوذهم المتزايد أن الخلفاء الأريعة الذين تعاقبوا على الخلافة بعد المتوكل على الله في الفترة ما بين (٢٤٧ هـ) و (٢٥٦ هـ) وهم المنتصر بالله، والمستعين بالله، والمعتز بالله، والمهتدي بالله، فقدوا جميعاً حياتهم بسبب ذلك النفوذ المتزايد يومًا بعد يوم. وكانت النتيجة الحتمية لذلك، هي أن الخليفة أصبح ألعوبة في يد القواد الأتراك، كما كان عاجزًا تمامًا عن عمل أي شيء يتعلق بالخلافة إلا بعد أخذ موافقتهم (١).
هذا من الناحية السياسية.
أما من الناحية الإجتماعية، فقد كان وضع المجتمع صورة منعكسة للحالة السياسية على مرآة الزمان والتاريخ، إذ لا ينفك المجتمع عن التأثر والتأثير في السياسة التي تحكمه وتقود زمام الأمور فيه.
(١) نظام الوزارة في الدولة العباسية (العهدان البويهي والسلجوقي)، الدكتور محمد مسفر الزهراني، ص ٢٢، ط. مؤسسة الرسالة، ١٩٨٦.