للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الإمام أحمد إذا زاره رجل من ذوي التقى والورع أحضر ابنه صالحًا هذا ليراه، فقد قال صالح في ذلك: "كان أبي يبعث خلفي إذا جاءه رجل زاهد أو رجل صالح متقشف، لأنظر إليه، يحب أن أكون مثلهم" (١).

وكان صالح رجلاً سخيًا جدا، وكان كثير العيال، فدخل عليه الدَّين، وكان ذلك سببًا في قبوله ولاية القضاء، وفي قلة روايته عن أبيه، على أنه روى عنه الكثير بالنظر إلى بقية الأصحاب.

وقد روى صالح عن أبيه كثيرًا من الفقه والحديث. قال الخلال: سمع من أبيه مسائل كثيرة، وكان الناس يكتبون إليه من خراسان، ومن المواضع يسأل لهم أباه عن المسائل، فوقعت إليه مسائل جياد (٢).

وقد طبع الموجود من "المسائل" برواية صالح عن أَبيه وتوجد منه مخطوطة بدار الكتب الصرية برتم ٢١٦٨ ب.

نماذج من مسائله:

أ - قال صالح: قلت -لأبي-: رجلٌ أسلف رجلاً دراهمَ في بُرٍّ، فلما حل الأجل لم يكن عنده بُرٌّ، فقال: قَوم البُرَّ دراهمَ، وخذ بالدراهم شعيرًا؟ قال: لا يأخذ منه شعيرًا إلاَّ مثلَ كيل البُرِّ أو أنقص، لا يأخذ منه زيادة (٣).

ب - قال صالح: قلت -لأبي-: رجل يدفع أرضه إلى الأكّار على الثلث والريع؟ قال: لا بأس بذلك إذا كان البذر من رب الأرض، والبقرُ والحديدُ والعمل من الأكّار. أذهب فيه مذهب المضارية (٤).

ب - قال صالح: قلت- لأبي-: رجل رهن رهنًا، وأخذ مالاً، فلمّا حلّ الأجل لم يأته بماله والْتَوى عليه، كيف يصنع بالرهن؟ قال: يكون عنده باقيًا على حاله إلاَّ أن يوكله ببيعه (٥).


(١) المنهج الأحمد ١/ ٢٥٣.
(٢) الطبقات ١/ ١٧٣ ..
(٣) مسائل صالح ١/ ٢٠٨.
(٤) المصدر السابق ١/ ٢٠٩.
(٥) المصدر السابق ١/ ١٨٧.