للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحنفي، و"مختصر ابن عبد الحكم"، و"مختصر ماليس في المختصر" لإبن شعبان، و"مختصر الوقار" في الفقه المالكي. و"مختصر المزني"، و"مختصر البويطي" في الفقه الشافعي. و"مختصر الخرقي" في الفقه الحنبلي.

هذا، وقد وقع الإختصار الفقهي للمذهب الحنبلي خلال هذا الدوركما وقع الجمع، فيكون المذهب الأحمدي قد سار سيراً طبعياً في عمليتي جمعه واختصاره في مدة زمنية لم تتجاوز القرن منذ وفاة الإمام أحمد. وكما تفرد الخلال (٣١١ هـ) بجمع المذهب، كذلك تفرد الخرقي (٣٣٤ هـ) باختصاره في هذا الدور.

ويعد "مختصر الخرقي" أول متن وُضع في الفقه الحنبلي المجرد، وضعه صاحبه على طريقة مختصر المزني (١)، واقتصر فيه على المعتمد من المذهب، وهذا يعني أنه في كل مسألة يقتصر على رواية واحدة من مجموع الروايات، ويعقدها على أنها المذهب. فيقول في كتاب الطهارة مثلاً: "وإذا كان معه في السفر إناءان: نجس وطاهر، واشتبها عليه أراقهما وتيمم" (٢). فجزم بالإراقة، مع أن صاحب "المحرر" قال: "وهل يلزمه إعدام الطهور بخلط أو إراقة أم لا؟ على روايتين: إحداهما: لا يلزمه، وهو المذهب" (٣).

ويعتبر مختصر الخرقي وحيدًا في زمانه، صغيراً من حيث الحجم، لم تتجاوز مسائله (٢٣٠٠) مسألة (٤)، ولهذا سهل حفظه، وبنى عليه المشايخ، وجعلوه عمدتهم قراءةً إقراءً، وحفظاً، وشرحاً، بل عمدة لدى طبقات علماء المذهب الكبرى الثلاث، وهم: المتقدمون، والمتوسطون، والمتأخرون (٥). وكان واسعَ الشُّهْرَةِ عندهم مثنياً عليه أحسن


(١) مجموع الفتاوى ٤/ ٤٥٠.
(٢) مختصر الخرقي، ص ٢٣، ط. مكتبة المعارف، الرياض.
(٣) المحرر، ١/ ٧، ط. المعارف، الرياض. وشرح الزركشي ١/ ١٥٠، بتحقيق الجبرين. ط. العبيكان
(٤) المدخل، لإبن بدران، ص ٤٢٥.
(٥) اصطلع متأخرو الحنابلة على تقسيم علماء المذهب الذين اشتهروا بالتأليف فيه، فاعتنوا بالرواية، وجمعها، وترتيبها، وانتخاب المذهب المعتمد منها، وهم في جملتهم نحو (٥٠٠) عالم وفقيه، وبلغت تآليفهم نحو (١٤٠٠) كتاب. اصطلحوا على تقسيمهم إلى ثلاث طبقات زمانية متميز هي:
- المقدمون: يبدأون من تلامذة الإمام أحمد (٢٤١ هـ) إلى وفاة الحسن بن حامد (٤٠٣ هـ).
- المتوسطون: يبدأون من تلامذة الحسن بن حامد وعلى رأسهم القاضي أبو يعلى (٤٥٨ هـ). إلى وفاة البرهان ابن مفلح (٨٨٤ هـ).
- المتأخرون: يبدأون من علاء الدين المرداوي (٨٨٥ هـ) إلى الآخر. =