للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأئمة، وعلى كثير من أدلتهم، وعلى ما لهم وما عليهم من الأخذ والرد، فمن كان فقيه النفس حينئذ، مرَّن نفسه على السمو إلى الإجتهاد المطلق، إن كان أهلًا لذلك، وتوفرت فيه شروطه، وإلا بقي على أخذه بالتقليد، فهذه هي مقاصد ذلك الإمام في مؤلفاته الأربعة (١).

ولم يقتصر الشيخ في تصنيفاته على الفقه، بل له تصانيف متنوعة (٢) حسنة على كثرتها، تخدم المذهب الحنبلي في الفروع والأصول، باللإضافة إلى الحديث واللغة والزهد والرقائق، وفي العقيدة وأصول الدين، وهذه الأخيرة وصفت بأنها: "في غاية الحسن، أكثرها على طريقة أئمة المحدثين، مشحونة بالأحاديث والآثار بالأسانيد، كما هي طريقة اللإمام أحمد وأئمة الحديث. ولم يكن يرى الخوض مع المتكلمين في دقائق الكلام، ولو كان بالرد عليهم، وهذه طريقة أحمد والمتقدمين، وكان كثير المتابعة للمنقول في باب الأصول وغيره" (٣).

وتصنيفاته المتنوعة تدل على تمكنه من كثير من الفنون، واختصاصه وتبريزه في عدة علوم، حتى إن أبا الفتح ابن المنّي -وهو شيخه في الفقه- اقترح عليه أن يبقى في بغداد لحاجة البلد إليه، وذكر الضياء المقدسي في الكتاب الذي خصصه لسيرة الموفق ومناقبه، أنه إمام في تسعة فنون: القرآن وتفسيره، والحديث ومشكلاته، والفقه، والخلاف (الفقه المقارن)، والفرائض، والأصول، والنحو، والحساب، والنجوم السيارة ومنازلها (٤) (علم الفلك).

باللإضافة إلى تصنيف الكتب، فقد كان الشيخ دائبًا في جمع الطلاب وتعليم التلاميذ، وإن أبرز من تخرج على يديه ابن أخيه شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر قاضي القضاة فى زمانه.


(١) المدخل، ص ٤٣٣ - ٤٣٤.
(٢) قائمة أسماء مؤلفاته في: ذيل الطبقات ٢/ ١٣٩، المنهج الأحمد ٤/ ١٥٤، السير ٢٢/ ١٦٨.
(٣) ذيل الطبقات ٢/ ١٣٩، المنهج الأحمد ٤/ ١٥٤.
(٤) المقصد الأرشد ٢/ ١٧.