للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من وافقهم من غيرهم من أصحاب المذاهب، ثم بعد ذلك يتعرض لأقوال المخالفين، ثم يعود ليذكر أدلة الحنابلة بالتفصيل والإسهاب الكثير، ثم يذكر بعض أدلة المخالفين، ويناقشها ويورد بعض اعتراضات الخصوم أو المخالفين، ويرد عليها (١).

مقتطفات من الكتاب:

جاء في المجلد الرابع قوله في المسألة الأولى من كتاب الحج:

مسألة:

من شروط وجوب الحج: وجود الزاد والراحلة. نص عليها في رواية حنبل. فقال: السبيل: الزاد والراحلة. وليس عليه أن يحج راجلًا إلا أن يتطوع بنفسه، وكذلك نقل صالح قول أبي حنيفة والشافعي.

وقال مالك وداود: الراحلة غير معتبرة، فمن قدر على المشي لزمه ذلك. ولم يقف وجوبه على وجود الراحلة، وأما الزاد فلا يعتبر ملكه، وإنما يعتبر القدرة عليه، فإن كان ذا صنعة يمكنه الإكتساب بها لزمه.

دليلنا: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]. فلها دليلان: أحدهما: من جهة الإستنباط، والثاني: من جهة التفسير. وأما الإستنباط: فهو أن كل عبادة أمر بفعلها اقتضى ذلك القدرة على الفعل؛ كالصوم والصلاة وغيرها. فلما اشترط في الحج استطاعة السبيل اقتضى ذلك زيادة على القدرة التي اعتبرها مالك، وليس ذلك الإستطاعة التي نعتبرها.

وأما التفسير: فروى أبو بكر (٢) بإسناده عن الحسن قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: "من وجد زاداً وراحلة" (٣). رواه الدارقطني عن ابن مسعود، وابن عمر، وعمرو بن شعيب، وعلي، وأنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قيل له: ما السبيل؟ قال: "الزاد والراحلة " (٤).


(١) وقد وضع ابن الجوزي على هذا الكتاب كتاباً سماه "التحقيق في مسائل التعليق" تعقب فيه القاضي أبا يعلى في الأحاديث التي استدل بها.
(٢) هو عبد العزيز المعروف بـ "غلام الخلّال".
(٣) الحديث رواه عبد الله بن أحمد في "المسائل" ٢/ ٦٧٥، وأبو داود في "المسائل" (ص ٩٧) أيضاً. كلاهما عن الإمام أحمد عن هشيم بن بشير عن يونس عن الحسن. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٣٢٧، من طريق سفيان عن يونس عن الحسن.
(٤) سنن الدارقطني ٢/ ٢١٥ - ٢١٨.