للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونقل ابن منصور فيمن قبض سلعة على سوم، ولم يسم الثمن، فهلكت: فهو ضامن للقيمة، على اليد ما أخذت حتى تؤدي، فقد نص على أنها من ضمان المساوم.

فإن قلنا: إنه غير مضمون، فوجهه:

أنه قبض بإذن مالكه لا على وجه العوض والمنفعة، فلم يكن مضمونا عليه، دليله الوديعة. وقولنا: بإذن مالكه. احتراز من الغصب. وقولنا: لا على وجه العوض. احتراز من المبيع إذا قبضه المبتاع أنه مضمون عليه بالثمن، وكذلك منافع الدار إذا قبضها، هي مضمونة عليه، لأنه على وجه العوض قبضه، وها هنا لايقابل هذا القبض عوض، وإنما يحصل العوض في الثاني في مقابلة عقد البيع. وقولنا: لا على وجه المنفعة بها. يعني: لا يجوز له الإنتفاع بها حال المساومة، احترازاً من العارية فإنها مضمونة، لأنه قبض على وجه الإنتفاع بها. وإذا قلنا: إنه مضمون، وهو أصح، فوجهه:

أنه قبضه لينفرد بمنفعته لنفسه، فكان مضمونا عليه، كالعارية والغصب، وقولنا: لينفرد بمنفعته، نريد به أنه ينظر ويتفكر، هل المنفعة في شرائه وحصول الحظ له أم لا؟ ولسنا نريد بالمنفعة أنه ينتفع بنفس العين المقبوضة، لأن ذلك لا يجوز بلا خلاف (١).

من كتاب المسائل الأصولية:

مسألة [رقم ١٦]: إذا ثبت الحكم في الأصل بدليل مقطوع عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع، وجب رد غيره إليه إذا كان معناه فيه، وهذا لا إشكال فيه، فأما إن كان معنى الأصل عرف بالإستنباط، مثل علة الرِّبا في الزائد مكيلاً أو مطعوماً، فهل يجب رد غيره إليه أم لا؟

قال شيخنا أبو عبد الله (٢): لا يجب رد غيره إليه، فعلى قوله، يكون القول ببعض القياس دون بعض، وقد أومأ أحمد إليه في رواية مُهنا، وقد سأله: هل يقيس بالرأي؟ فقال: لا، هو أن يسمع الرجل الحديث فيقيس عليه. معنى قوله: لا يقيس بالرأي: يعني ما ثبت أصله بالرأي لا يقيس عليه، وعندي: أنه يجب رد غيره إليه، وقد أومأ إليه


(١) المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين ١/ ٣٣٢، تحقيق الدكتور عبد الكريم اللاحم، مكتبة المعارف الرياض، ١٩٨٥.
(٢) يريد به الحسن بن حامد شيخ المذهب المتوفى سنة ٤٠٣ هـ.