للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجماع، وهي الواجبة قطعًا على جميع المسلمين، فلا يسع أحدًا منهم ترك شيء منها إلا بعذر شرعي (١). اهـ.

ونلاحظه تارة يحيل في حكاية الإجماع على ابن المنذر، وتارة يتكفل ذلك بنفسه، فيقول مثلا: لا نعلم في ذلك خلافًا. أو نحو هذه العبارة.

وأما الخلاف والأدلة:

فيذكر ابن قدامة في "المغني" الخلاف في حكاية المذهب على روايتين أو أكثر متى وجد، وينسب كل رواية لصاحبها، ويوجهها بوجوه من النظر والدليل، كما يعنى بذكر الخلاف بين الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الأئمة الأربعة وغيرهم، ويستدل لكل مذهب بدليل مقتضب، وقد صرح بذلك في المقدمة، فقال: وأشير إلى دليل بعض أقوالهم على سبيل الإختصار، والإقتصار من ذلك على المختار (٢). اهـ. ويرجح في الأخير ما يراه راجحًا على طريقة فن الخلاف والجدل، ويتوسع في فروع المسألة.

قيمة كتاب المغني وأهميته:

بعد هذا التعريف الموجز بشأن هذا الكتاب العظيم، يتبين أنه ديوان الإسلام في الفقه، وليس كتابًا للحنابلة فحسب، وليس أدل على ذلك من مسارعة العلماء في الاقتناء له على اختلاف مذاهبهم، فهو في الفقه الإسلامي بمنزلة تفسير ابن جرير الطبري في تفسير القرآن، أو تفسير القرطبي في جمع أحكامه، وبمنزلة "السنن الكبرى" للبيهقي في جمع أحاديث الأحكام. وقديمًا قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل "المحَلَّى والمجلَّى" (٣) وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين ابن قدامة، في جودتهما وتحقيق ما فيهما.

ونقل عنه أيضًا قوله: لم تطب نفسي بالفتيا حتى صار عندي نسخة من "المغني" (٤).

وعلق الذهبي على الكلمة الأولى بقوله: قلت: لقد صدق الشيخ عز الدين. وثالثهما: "السنن الكبرى للبيهقي"، ورابعها: "التمهيد" لإبن عبد البر.


(١) مقدمة "المغني" ص ٢٧، ومقدمة "المغني مع الشرح الكبير" ص ١٨، ط. دار الكتاب العربي.
(٢) المغني ١/ ٢.
(٣) يعني كتاب ابن حزم الشهير بـ "المحلى" واسمه الكامل "المحلَّى بالآثار في شرح المجلى بالأخبار".
(٤) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٤٢.