للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكاد يكون اختصارًا لكتاب "الإنصاف"، فصحح المرداوي في كتاب "التنقيح" ما أطلقه ابن قدامة في "المقنع" من الروايتين أو الروايات، ومن الوجهين أو الوجوه، وقيّد ما أخل به من الشروط، وفسر ما أبهم فيه من حكم أو لفظ، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب حتى خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، وقيد ما يحتاج إليه مما فيه إطلاق، وزاد مسائل محررة مصححة، فصار تصحيحًا لغالب كتب المذهب (١).

قيمة كتاب "المقنع":

تظهر قيمة هذا المتن في انتداب ابن أخي المصنف إلى القيام بشرحه شرحًا عظيمًا سماه "الشافي"، ويطلق عليه: "الشرح الكبير"، ولا نعرف له شرحًا صغيرًا يقابله، بل ربما لكبر حجمه سمي بذلك.

وتظهر قيمته أيضًا في أنه عمدة الحنابلة من زمنه إلى يومنا هذا، وهو أشهر المتون بعد "مختصر الخرقي"، فلهذا أفاضوا في شرحه وتحشيته وبيان غريبه وتصحيحه وتنقيحه وتوضيحه.

قال ابن بدران:

"واعلم أن لأصحابنا ثلاثة متون حازت اشتهارًا أيما اشتهار: أولها: "مختصر الخرقي" فإن شهرته عند المتقدمين سارت مشرقا ومغربًا، إلى أن ألف الموفق كتابه "المقنع" فاشتهر عند علماء المذهب قريبًا من اشتهار الخرقي إلى عصر التسعمائة، حيث ألف القاضي علاء الدين المرداوي "التنقيح المشبع" ثم جاء بعده تقي الدين أحمد بن النجار الشهير بالفتوحي، فجمع "المقنع" مع "التنقيح" في كتاب سماه "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات" فعكف الناس عليه، وهجروا ما سواه من كتب المتقدمين، كسلاً منهم ونسيانًا لمقاصد علماء هذا المذهب التي ذكرنا آنفا. وكذلك الشيخ موسى الحجاوي ألف كتابه "الإقناع" ا. هـ" (٢).

وقال المرداوي في مدح هذا الكتاب:

أما بعد، فإن كتاب "المقنع" في الفقه، تأليف شيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد


(١) من مقدمة الأستاذ الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع لكتاب "الفروع" ١/ ٨، نقلا عن "شرح المنتهي".
(٢) المدخل ص ٤٣٤.