للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشيخ منصور بن يونس البهوتي (١٠٥١ هـ) في خطبة شرحه على "المنتهى": "وبعد، فإن كتاب "المنتهى" لعلم الفضائل، وأوحد العلماء الأماثل؛ محمد تقي الدين ابن شيخ الإسلام أحمد شهاب الدين ابن النجار الفتوحي الحنبلي، تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جنانه، كتاب وحيد في بابه، فريد في ترتيبه واستيعابه، سلك فيه منهاجًا بديعًا ورضّعه ببدائع الفوائد ترصيعًا، عُدَّ ذلك الكتاب من المواهب، وسار في المشارق والمغارب" (١).

وأما منزلة مصنفه فهي المنزلة الرفيعة بين فقهاء الحنابلة، فهو عَلم في الفتيا والتدريس والقضاء وفصل الأحكام.

يقول عنه العلامة عبد القادر الجزيري فيما نقله عنه ابن حُميد: "وانفرد بعد والده بالإفتاء والتدريس بالأقطار المصرية، ثم بعد وفاة شيخنا الشهاب الشويكي بالمدينة المنورة، وتلميذه العلامة الشيخ موسى الحجاوي بالشام، انفرد -فيما أعلم- في سائر أقطار الأرض، وقصد بالأسئلة من البلاد الشاسعة، كاليمن وغيره، وتصدى لنفع المسلمين بالمدرسة الصالحية؛ بخط بين القصرين -مكان مسكنه بخلوة الحنابلة- وكانت أيامه جميعًا اشتغالاً بالفتيا، أو بالتدريس، أو بالتصنيف، مع جلوسه في ديوان الحنابلة للقضاء وفصل الأحكام .. إلى أن قال: وبالجملة فلم يكن من يضاهيه في مذهبه، ولا من يماثله في منصبه، وكان قلمه أحسن من لفظه، وله في تحرير الفتاوي اليد العليا، والكتابة المقبولة على الوجه الصحيح الأولى" (٢).

ومما يدل على علو شأن "المنتهى" ما عني به علماء المذهب شرحًا وتحشية وجمعًا مع غيره واختصارًا له.

فقد شرحه الشيخ منصور بن يونس البهوتي (١٠٥١ هـ) (٣) شيخ الحنابلة في عصره، اعتمد فيه على شرح المصنف، ووضع حاشية على شرح المصنف الذكور، كما حشّاه حفيد المصنف الشيخ عثمان بن أحمد الفتوحي القاهري (١٠٦٤ هـ)، وحشاه الشيخ عثمان بن أحمد النجدي (١٠٩٧ هـ) حاشية نفيسة ومفيدة، جردها من هوامش


(١) شرح منتهى الإرادات، لمنصور البهوتي، ١/ ٥، ط. عالم الكتب، بيروت، ١٩٩٦.
(٢) السحب الوابلة ٢/ ٨٥٥ - ٨٥٦.
(٣) وقد طبع هنا الشرح سابقاً، ووفقني الله لإعادة نشره محققًا على عدة نسخ خطية، وصدر عن مؤسسة الرسالة سنة (١٤٢١ هـ) في ستة مجلدات مع ملحق بفهارسه.