وبإتمام هذا القسم من «المذهب الحنبلي» يكون قد تقرب هذا المذهب إلى الأفهام تقريبًا يوضح تطوره الزمني، ويبرز بعض خصائص علمائه وسماتهم العامة، كما يوضح الجوانب التي تفرد الحنابلة بالعناية بها، وفي الأخير يضع بين أيدينا مكتبة في الفقه والأصول والقواعد والآداب وما يتعلق بذلك مرتبة ترتيبًا زمنيًا من أجل ردّ العَجز إلى الصدر وربط أول البحث بآخره.
ولو كُتب لكل مذهب من بقية المذاهب أن يقوم أهله بالتعريف به وبمصنفاته بصورة مفصلة، بعيدة عن أساليب العصبية المذهبية، متجانفة عن الدندنة حول المفاضلة بين الأئمة والترجيح بين المذاهب، فإن مستقبل الفقه الإسلامي سيكون بإذن الله زاهرًا مشرقًا، وقد أخذت بوادر الاهتمام في هذا المسعى تتزايد في المذهب المالكي بعد أن كادت جذوته أن تنطفئ على إثر الهجمات الصليبية التي تعرض لها التراث الإسلامي في الأندلس والمغرب التي تعتبر معاقل لهذا المذهب في القرون المتأخرة، ولكن أبى الله إلا أن يُتم نوره ولو کره الکافرون. والله الموفق لکل خير وهو الهادي إلى سواء السبيل.