للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ساق الأسانيد إلى أصحاب مسائل الرواية المذكورين بالإضافة إلى "مختصر الخرقي" (١)، وهي أسانيد جياد تحصر طرق الرواية للفقه الحنبلي من لدن إمامه (ت ٢٤١ هـ) إلى خاتمة علمائه المتقدمين: الحسن بن حامد (ت ٤٥٣ هـ). وقد استوعب المصنِّف (٣٣) كتابًا من كتب المسائل والتي تُعدّ مع الخرقي أصول "الجامع"، ورتبها كتبًا وأبوابًا، فوضُح السبيل إلى معرفة الخلاف في الرواية أكثر، وأصبح سهل المنال؛ ليتمهد الطريق من وراء ذلك إلى الطبقة اللاحقة فتعمل في التنقيح والتلخيص والتوجيه والإختيار وتصنيف المتون الميسرة المختصرة.

ثم إن ابن حامد علق على الروايات المختلفة التي وقعت له ولمن قبله عن الإمام أحمد، بأنه يجب قبولها ما دام أصحابها "أثباتًا فيما نقلوه، أمناء فيما دونوه، وواجب تقبل كلل ما نقلوه، وإعطاء كل رواية حظها على موجبها، ولا تُعدّل رواية وإن انفردت، ولا تُنفى عنه، وإن غَرُبت، ولا ينسب إليه في مسألة الرجوع إلا ما وجد ذلك عنه نصًا بالصريح، وإن نُقل: "كُنت أقول به وتركناه"، وإن عَرِي عن حدّ الصريح في الترك والرجوع أُقِرَّ على موجبه، واعتبر حال الدليل فيه لاعتقاده؛ بمثابة ما. اشتهر من روايته" (٢).

ثم عطف بالكلام على رواية إسحاق بن منصور الكوسج، وتخطئة من يُلَيِّن القول فيها بزعم أنها من جملة ما رجع عنه الإمام أحمد، بَيْد أن الحقيقة على خلاف ذلك، فقد أجازه بها ثانية وأثنى عليه.

وليس لدينا من المعلومات ما يجيز بالموازنة بين "جامع ابن حامد" و"جامع" الخلال و"زاد المسافر" لأبي بكر عبد العزيز، إلا أن القاسم المشترك بين الكتب الثلاثة هو أنها حوت جملة كبيرة من الرواية لفقه الإمام أحمد، بحيث لم يشذ من ذلك إلا القليل النادر. والله أعلم.


(١) الطبقات ٢/ ١٧١ - ١٧٤.
(٢) من مقدمة "الجامع" التي أثبتها ابن أبي يعلى في "الطبقات" ٢/ ١٧٤ وعنه العليمي في "المنهج" ٢/ ٣١٧.