للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين" (١)، استطرد في ذكر المسائل الفقهية الشهيرة وما فيها من الوفاق والخلاف. وفي ذلك يقول:

"ولما انتهى تدوين الفقه إلى أربعةٍ كلٌّ منهم عدلٌ، رَضي عدالتهم الأمة، وأخذوا عنهم؛ لأخذهم عن الصحابة والتابعين والعلماء، فكان أخذ الأمة عنهم، وأخذهم هم عن الصحابة والتابعين، واستقر ذلك، وإن كلا منهم مقتدى، ولكل واحد من الأمة اتِّباع من شاء منهم فيما ذكره، وهم: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، - رضي الله عنهم -.

رأيت أن أجعل ما أذكره من إجماع، مشيراً به إلى إجماع هؤلاء الأربعة، وما أذكر ٥ من خلاف، مشيراً إلى الخلاف بينهم، رضي الله عنهم أجمعين، فمن ذلك: كتاب الطهارة، أجمعوا ... " (٢).

ثم إن الناس اعتنوا بهذا الجزء الفقهي من أصل الكتاب وأفردوه في مجلد، وصار عنوان الأصل: "الإفصاح"، عنواناً على هذا الجزء. وفي ذلك يقول الحافظ ابن رجب:

"وقد أفرده الناس من الكتاب، وجعلوه مجلدة مفردة، وسموه بكتاب "الإفصاح" وهو قطعة منه" (٣).

جمع المؤلف في القسم المجتزأ من هذا الكتاب أهم ما اتُّفق عليه وما اختُلف فيه من الفروع بين المذاهب الأربعة التي عول جمهور المسلمين على العمل بها، واستعرض في ذلك جميع أبواب الفقه، مُصدراً المسألة بقوله. أجمعوا على كذا .. أو: اتفقوا على كذا .. ثم يفرِّع إن كان هناك تفريع، فيقول: ثم اختلفوا في كذا ... وتارة يُصدر بقوله: اختلفوا في كذا .. مما يدل على أن المسألة خلافية، وتارة يقول: أجمعوا على كذا إلَّا فلاناً.

وينسب الخلاف إلى أصحابه بتفصيل يدل على رسوخ قدمه في الإشراف


(١) أخرجه البخاري في العلم، الحديث: ٧١، وكرره في المواضع: ٣١١٦، ٧٣١٢، ومسلم في الزكاة، الحديث: ١٠٣٧.
(٢) الإفصاح ص ٤٨، ط. راغب الطباخ.
(٣) الذيل ١/ ٢٥٢.