للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرعي. وهذا القسم هو الغالب في أحكام الشريعة. وهو سماوي إلهي باعتبار الأصل والأساس، وهو تشريعي وصفي بالنظر إلى جهود المجتهدين في استمداد الأحكام واستنباطها.

ثانياً: إلى أن الدليل التفصيلي المقصود بالنظر فيه التوصّلُ إلى إدراك حكمٍ شرعي على سبل العلم أو الظن.

وقد اشتهر عند علماء الأصول أن من الأدلة ما هو قطعي يفيد القطع، ومنها ما هو ظني في دلالته على الحكم. وذهبت طائفة كما قدمنا إلى أن الدليل هو ما يتوصل بالنظر الصحيح فيه إلى إدراك حكم تشريعي على سبيل العلم والجزم فقط. واعتبروا ما يتوصل بالنظر فيه إلى إدراك حكم شرعي على سبيل الظنّ أمارةً لا دليلاً.

واختار الجويني أن الأمر مختلِف وكأنّه ملتَقَط من الطرفين، وهو يجمع المحاسن. فإن عنينا أنه لا يوجب العمل بمقتضى الظن، فهذا إنكار ما لا وجه لإنكاره، إذ المجتهد إذا غلب على ظنه أمر فأمر الله اتباع موجب ظنه، ولا يناط ظنه بظن آخر. فإن رأينا أن المجتهد كلف ما وراء غلبة الظن بتحصيل أمر آخر، فلا وجه له أيضاً إذ الأمر والاجتهاد ينضبط به وغلبة الظن حاصل (١).

ولعلنا بعد ما عرفناه في الطور الأول من الفقه في صدر الإسلام، وما وقفنا عليه بعد ذلك من فقه أصحاب المذاهب، نجد علماً متيناً وآراء ناضجة وتحقيقات وفتاوى بذل أصحابها أقصى ما يملكون من الجهد. وتبعت هذه الأطوار فترة طويلة من الاستقرار والجمود امتدت نحو خمسة قرون أو أكثر. وإنا لنلمس بحمد الله من


(١) الجويني. البرهان: ٢/ ١٣٢٣ - ١٣٢٤. عدد ١٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>