للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها، باعتقاد اشتمال تلك الفروع كلها على الوصف الذي اعتقدوا أنه مرادٌ من لفظ الشارع، وهو الوصف المسمى بالعلّة (١).

وبعبارة أقرب: تُمَكِّن تلك القواعدُ المتضلِّعَ فيها من تَأْيِيد فروع انتزعها الفقهاء قبل ابتكار علم الأصول، لتكون تلك الفروع بواسطة تلك القواعد مقبولةً في نفوس المزاولين لها من مقلِّدي المذاهب.

وقُصارَى ذلك كله: أنها تؤول إلى محامل ألفاظ الشارع في: انفرادها، واجتماعها، وافتراقها، حتى تقرِّب فهمَ المتضلِّع فيها من


(١) العلة: جمعها علل. وهي شرط في صحة القياس ليجمع بها بين الأصل والفرع. وقد استعمل الأصوليون ألفاظاً كثيرة بإزائها، منها: السبب، والإشارة، والداعي، والمستدعي، والباعث، والحامل، والمناط، والدليل، والمقتضي، والموجب، والمؤثر. وزاد بعضهم: المعنى. الزركشي. البحر المحيط: ٥/ ١١١، ١١٥.
واختلف العلماء في تعريفها على أقوال كثيرة. منها: أنها المعرِّف للحكم، أي: جعلت علمَاً على الحكم، إن وجد المعنى وجد الحكم؛ ومنها: أنها الموجب للحكم، على معنى: أن الشارع جعلها موجبة لذاتها. وقالت المعتزلة: إنها موجبةٌ للحكم بذاتها لا بجعل الله. واختار فخر الدين الرازي أنها الموجبة بالعادة. وقال آخرون: إنها الباعث على التشريع بمعنى: أنه لا بد أن يكون الوصف مشتملاً على مصلحة صالحة أن تكون مقصودة للشارع من شرع الحكم. الزركشي ٥/ ١١١ - ١١٣. وفرق الجصّاص بين علل الأحكام وعلل المصالح. فالأولى وهي علل الأحكام: أوصاف في الأصل المعلول، ليست من علل المصالح في شيء، تكون علامات وأمارات للأحكام غير موجبة لها، لأنها قد توجد بدون الأحكام؛ والثانية وهي علل المصالح: إنما هي معانٍ في المتعبِّدين لا في الأصول المتعبَّد بها، أي: الحكم. وليست هي من العلل التي تقاس عليها أحكام الحوادث، ولا تدرك إلا من طريق التوقيف. الجصّاص. الفصول في الأصول: ٤/ ١٣٥ - ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>