للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن وراء ذلك خبايا، في بعض مسائل أصول الفقه، أو في مغمور أبوابها المهجورة عند المدارسة، أو المملولة، ترسُب في أواخر كتب الأصول، لا يصل إليها المؤلفون إلّا عن سآمة، ولا المتعلمون إلّا الذين رزقوا الصبر على الإدامة، فبقيت ضئيلة ومنسية، وهي بأن تعد في علم المقاصد حَرِيَّة. وهذه هي مباحث المناسبة والإخالة في مسالك العلة (١)،


= وحاجتهم إليه، إذ لا يمكن للناس عمل حوائطهم بأيديهم، ولا بيع الثمرة قبل بدوِّ صلاحها للاستئجار من ثمنها على ذلك إن لم يكن لهم مال. فلهذه المصلحة رخص في المساقاة. ابن رشد. المقدمات: ٢/ ٥٥٢.
وفي كتب الشافعية أمثلة لما ألمع إليه المؤلف هنا. ففي بيان وجه الرجعة قال الشافعي: ينبغي لمن راجع أن يُشهد شاهدين عدلين على الرجعة، لما أمر الله تعالى به من الشهادة، لئلا يموت قبل أن يُقِرَّ بذلك، أو يموت قبل [أن] تعلم الرجعةَ بعد انقضاء عدتها، فلا يتوارثان إن لم تعلم الرجعةُ في العدّة، ولئلا يتجاحدا، أو يصيبها فتنزّلَ منه إصابةَ غير زوجة. الشافعي. الأم: (١) ٥/ ٢٢٦ - ٢٢٧ (٢) ١١/ ٣٥٠/ ١٩٧٢٩.
ومنها: في جواز السَّلَم أن فيه رِفقا. فإن أرباب الضياع قد يحتاجون لما ينفقونه على مصالحها فيستسلفون على الغلّة، وأرباب النقود ينتفعون بالرخص، فجوّز لذلك، وإن كان فيه غرر، كالإجارة على المنافع المعدومة. محمد الرملي. نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: ٤/ ١٨٢.
ومثل ذلك ما في كتب الحنابلة. فقد ورد في مشروعية المضاربة أن بالناس حاجة إليها. فإن الدراهم والدنانير لا تُنمَّى إلا بالتقلّب والتجارة، وليس كل من يملكها يحسن التجارة، ولا كل من يحسن التجارة له رأس مال، فاحتيج إليها من الجانبين، فشرعها الله لدفع الحاجتين. ابن قدامة. المغني: (٢) ٧/ ١٣٤. وفي مشروعية الإجارة: أن الحاجة داعية إليها، إذ كل أحد لا يقدر على عقار يسكنه، ولا على حيوان يركبه، ولا على صنعة يعملها. وهم لا يبذلون ذلك مجاناً، فجُوِّزَت طلباً لتحصيل الرزق. وجوز ذلك الشيخ تقي الدين للحاجة. ابن مفلح. المبدع شرح المقنع: ٥/ ٦٢.
(١) عدّ الرازي في الطرق الدالة على علّية الوصف في الأصل عشرةٌ: النص، =

<<  <  ج: ص:  >  >>