للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو اعتذار واهٍ؛ لأنا لم نَرَهُمْ دونوا في أصول الفقه أصولاً قواطعَ يمكن توقيف المخالف عند جريه على خلاف مقتضاها، كما فعلوا في أصول الدين. بل لم نجد القواطعَ إلّا نادرة، مثل ذكر الكليات الضرورية: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسب، والمال، والعِرض (١). وما عدا ذلك فمعظم أصول الفقه مظنونة.

وقد استشعر الإمام أبو عبد الله المازَريّ (٢) ذلك فقال عند شرحه قول إمام الحرمين في البرهان: "وأقسامها - أي: أدلة الأحكام - نص الكتاب، ونص السنة المتواترة، والإجماع" (٣):


(١) هي في الأصل خمسة بدون ذكر العرض. الشاطبي. الموافقات: (٢) ٢/ ٤ = (٣) ٢/ ١٠ = (٤) ١/ ٢٠. وعليه جرى الغزالي في المستصفى، وابن الحاجب في مختصره. وعدّه بعض العلماء من الضروري كتاج الدين السبكي في جمع الجوامع. وبه أخذ الحلي والطوفي وزكريا الأنصاري وابن النجار والشوكاني والشنقيطي. ولعل ذلك لما رأوه من التلازم بين الضروري وبين ما في تفويته حد. وقد ورد في الشريعة حد القذف حماية للعرض. قال الشيخ ابن عاشور في فصل أنواع المصلحة المقصودة من التشريع: وأما عدّ حفظ العرض في الضروري فليس بصحيح. والصواب أنه من قبيل الحاجي. انظر: ٢٤٠.
(٢) هو أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري. نسبة إلى مازرة بصقلية ٥٣٦ هـ. دخل البلاد التونسية، ونزل بالمهدية. أخذ عن اللخمي وابن الصائغ، وعنه البرجيني وابن الفرس وابن تومرت والشلبي وابن المقري وغيرهم، وعنه بالإجازة ابن أبي جمرة وابن خير وابن رشد الحفيد وعياض وجماعة. تعلم الطب. ولم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض أفقه ولا أقوم لمذهبه منه. وهو واحد الأربعة الذين اعتمد خليل ترجيحهم وأقوالهم. له شرح صحيح مسلم، وشرح البرهان لإمام الحرمين، وشرح التلقين لعبد الوهاب، وإيضاح المحصول في برهان الأصول. الحجوي. الفكر السامي: (٢) ٢/ ٢٢١، ع ٥٣٦؛ مخلوف: ١/ ١٢٧، ع ٣٧١.
(٣) قول الجويني في البرهان: ١/ ٨٥، ف ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>