للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفقه يجب أن تكون قطعية، أي: من حق العلماء أن لا يدوّنوا في أصول الفقه إلّا ما هو قطعي، إما بالضرورة أو بالنظر القوي. وهذه المسألة لم تزل معترك الأنظار. ومحاولة الانفصال فيها ملأت دروس المحققين لها في أختام الحديث في شهر رمضان (١).

ولقد فاضت كلمات مباركة من بعض أئمة الدين، أمست قواعدَ قطعية للتفقّه، إلّا أن تناثرَها وانغمارَها بوقوعها في أثناء استدلال على جزئيات، يسارع ذلك إليها بإبعادها عن ذاكرة من قد ينتفع بها عند الحاجة إليها. وهذه مثل قولهم: "لا ضرر ولا ضرار" (٢)، وقول


= التشريعية، أو العلة المناسبة له. وهو علم تختلف وظيفته عن وظيفة علم الأصول كما نبه على ذلك المؤلف. وهو مما يستعان به على دفع ما يظهر من التعارض أحياناً بين أدلة الكتاب والسنة، فيتولى المجتهد البصير به عن طريقه حمل النص على ما يكون أحرى من الوجوه المحتملة بتحقيق غايات الشارع ومراميه، أو على الذبِّ عن نصوص السنة الصحيحة كما ذهب إلى ذلك الشافعي بردّه طعون الطاعنين فيها، بسبب مخالفتها للأصول والقواعد. وذلك ببيان ما في تلك النصوص من الحكم والمصالح التي تجعلها أصولاً شرعية مستقلة برأسها، وبإزالة ما قد يتوهم من التعارض بينها.
(١) إشارة إلى ما كان يقوم به كبار علماء الشريعة - من شيوخ الإسلام، والمفتين، والقضاة، وغيرهم، ممن رقى إلى رتبتهم من أهل العلم - في شهر رمضان بتونس، في عهد الدولة الحسينية ومن قبلها: من دروس في الحديث النبوي الشريف، يلقونها بالمساجد الجامعة بحضور أمير البلاد، على أقدارهم لا على قدره. وقد كانوا يتناولون فيها العويص من المسائل يتبارون في حل معاقدها واستكناه أسرارها. وهي ببلدنا سنة قديمة سبق إلى ذكرها ابن أبي دينار في كتابه المؤنس، وتوارثها الخلف عن السلف إلى أيامنا هذه. ولهذه الأختام في الحديث الشريف نظام ورسوم عرفت بها. محمد ابن الخوجة. تاريخ معالم التوحيد في القديم والجديد: ٣٣٧ - ٣٤٩.
(٢) هذه القاعدة العامة وردت بها أحاديث كثيرة، منها: حديث أبي سعيد =

<<  <  ج: ص:  >  >>