(١) فصّل ابن القيم هذا المعنى بقوله: "وإذا تأملت شرائع دينه التي وضعها بين عباده وجدتها لا تخرج عن تحصيل المصالح الخالصة أو الراجحة، بحسب الإمكان، وإن تزاحمت قدَّم أهمها وأجلها، وإن فاتت أدناها. وتعطيل المفاسد الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان، وإن تزاحمت عطل أعظمها فساداً باحتمال أدناها. وعلى هذا وَضَع أحكمُ الحاكمين شرائع دينه، دالةً عليه، شاهدة له بكمال علمه وحكمته ولطفه بعباده وإحسانه إليهم ... وإن القرآن وسنةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مملوءان من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح، وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجوه الحكم التي لأجلها شرع الله تلك الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان. ولو كان في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها، ولكنه يزيد على الألف موضع بطرق متنوعة: فتارة يذكر "لام التعليل" الصريحة، وتارة يذكر المفعول لأجله الذي هو المقصود بالفعل، وتارة يذكر "من أجل" الصريحة في التعليل، وتارة يذكر أداة "كي"، وتارة يذكر "الفاء" و"إن"، وتارة يذكر أداة "لعل" المتضمّنة للتعليل المجردة عن معنى الرجاء المضاف إلى المخلوق، وتارة ينبّه على السبب بذكره صريحاً، وتارة يذكر الأوصاف المشتقّة المناسبة لتلك الأحكام، ثم يرتّبها عليها ترتيب المسببات على أسبابها، وتارة ينكر على =