للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الجمهور، علّتهُ أن لا يبقى الطعامُ في الذمة فيفوت رواجه.

والنهي عن الاحتكار في الطعام لحديث مسلم عن معمر مرفوعاً: "من احتكر طعاماً فهو خاطئ" (١)، علته إقلال الطعام من الأسواق.

فبهذا الاستقراء يحصل العلمُ بأن رواج الطعام وتيسيرَ تناوله مقصد من مقاصد الشريعة. فنعمد إلى هذا المقصد فنجعله أصلاً ونقول: إن الرواج إنما يكون بصور من المعاوضات، والإقلالَ إنما يكون بصور من المعاوضات، إذ الناس لا يتركون التبايع. فما عدا المعاوضات لا يُخشى معه عدم رواج الطعام. ولذلك قلنا: تجوز الشركة والتولية والإقالة في الطعام قبل قبضه. ومن هذا القبيل كثرة الأمر بعتق الرقاب الذي دلَّنا على أن من مقاصد الشريعة حصول الحرية.


= لعلّة تحريم بيع الطعام بالطعام نسيئة عند الجمهور قولُ ابن القيم: وأما الأصناف الأربعة المطعومة فحاجة الناس إليها أعظم من حاجتهم إلى غيرها، لأنها أقوات العالم وما يصلحها. فمن رعاية مصالح العباد أن مُنعوا من بيع بعضها ببعض إلى أجل سواء اتحد الجنس أو اختلف ... وسر ذلك - والله أعلم - أنه لو جوّز بيع بعضها ببعض نَساءً لم يفعل ذلك أحد إلا إذا ربح، وحينئذ تسمح نفسه ببيعها حالة لطمعه في الربح فيعز الطعام على المحتاج ويشتدّ ضرره ... فكان من رحمة الشارع بهم وحكمته أن منعهم من ربا النساء فيها كما منعهم من ربا النساء في الأثمان. ابن القيم. إعلام الموقعين: (٤) ٢/ ١٥٧. ط. ابن شقرون. إبريل ١٩٦٨.
(١) أي آثم. اهـ. تعليق ابن عاشور. وقد ورد الحديث بلفظ: "من احتكر - أي: الطعام - فهو خاطئ - أي: آثم - ولا يحتكر إلا خاطئ". انظر ٢٢ كتاب المساقاة، ٢٦ باب تحريم الاحتكار في الأقوات، ١٢٩، ١٣٠. مَ: ٢/ ١٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>